مع السيناريست محمد نجدي: محمد بسطاوي.. نبوءة تشخيص لم تكتمل

الراحل الكبير محمد بسطاوي

الوقائـع بريـس

مع السيناريست محمد نجدي:

محمد بسطاوي.. نبوءة تشخيص لم تكتمل

الكل يعرف محمد بسطاوي، والكل لا يعرفه، فنحن أمام مبدع مفتون ـ أو هكذا كان ـ بجمال قبح حببه لنا، وجعلنا نصدق ونؤمن أن الحلم لا حدود له، وأنه المنقذ من سنوات عجاف عشناها، سببت لنا ألما سكننا حتى ألفناه.

وجاء غيث الإبداع، مع محمد بسطاوي والقليل من أمثاله، ليكون لنا شمعة وسط رؤية كانت تبدو لنا واضحة، لكنها في الحقيقة أبشع من الظلام، فكانت شمعة بسطاوي وأمثاله نقطة انطلاق نحو ضوء يكون قادرا على قهر الخوف فينا، وزرع شجاعة تمنحنا قوة طرح السؤال، والسؤال هو أصل الإبداع.

وهكذا كان .. محمد بسطاوي كان يشخص ما يؤمن به، وليس ميسند إليه، يمنح روحا لما يجسد تتجاوز السيناريست والمخرج، وأحيانا تتجاوزه.. لقد كان، ولم يكن أحدا قبله، بوهيميا، كسر وتمرد على جميع نظريات المنظرين والنقاد المؤمنين بقواعد قتلت الإبداع أكثر مما أحيته.

محمد بسطاوي أبدع في المسرح وفي السينما، ولم يكن نجاحه في التلفزة كاملا، كانت الغصة التي سببت له ألما لم يستطع التخلص منه، فواقعنا أقوى وأقسى، واقع تحكمه أهواء توفر لك كل شيء إلا الإبداع، وإذا قاومت فلك النهاية التي تستحق، ليس كمبدع ولكن ككافر بنعمة منحت لك ولم تعرف قيمتها.

الراحل المبدع بسطاوي في مسلسل "وجع التراب" لشفيق السحيمي

محمد بسطاوي سيبقى منحوتا في ذاكرتنا كضمير يؤنبنا على ما نقترف من أعمال فنية بمبررات لن يقبلها إلا الشيطان، كضمير يحاول أن يحيي فينا المبدع المغتال ببدع أفتى بها الماسكون بخيوط لعبة أوشكت على نهايتها.

 فشمعة بسطاوي لن تنطفئ .. والآن وهنا .. لن نقول سننجح، بل سنحاول كما حاولت أيها الكبير، وحلمت بغد يستقيم فيه إبداع استعصى علينا منذ زمان .. وحتما سيأتي غد نرضي فيه ضميرنا، الذي هو أنت.

مع السيناريست

 محمد نجدي

Tweet