ثقافـة وفنـون..
الوقائـع الفنـي
مسار
الفنانة الراحلة فاطمة الشيكر كما قدمه الناقد أحمد سيجلماسي
الوقائـع بريـس
جالست الممثلة الراحلة فاطمة
الشيكر (1948 – 2018) لأول مرة بتطوان في اليومين الأخيرين من سنة 2015، بعد تصوير
مشاهد من دورها (الجدة الطاهرة) في فيلم المخرج حميد بناني الأخير "ليالي
جهنم".
ورغم أنني كنت من المعجبين بأدائها الرزين والتلقائي في العديد من
الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي شاهدتها لها ، لم أكن على علم بثقافتها
الواسعة وبإتقانها الجيد للغة موليير حديثا وكتابة وبتواضعها الجم ولباقتها في
الكلام والتعامل مع الناس.
كان لي شرف مجالستها بشكل
مطول في فندق بانوراما، مباشرة بعد معاينة بعض مشاهدها المصورة ، مساء الجمعة فاتح
يناير 2016 ، على الحاسوب، رفقة مخرج الفيلم حميد بناني ومنتجه محمد البوشعيبي
ومدير تصويره الإسباني فيرناندو موليون وآخرين ، وذلك للدردشة حول تجربتها الطويلة
في التشخيص المسرحي والتلفزيوني والسينمائي .
علمت منها أن تجربتها في
التشخيص انطلقت من المسرح البلدي بالدار البيضاء سنة 1964 مع الرائد الراحل الطيب
الصديقي ، رفقة مجموعة من الممثلين الكبار من قبيل حمادي عمور وعبد العظيم الشناوي
وغيرهما ، كما علمت منها أيضا أنها اشتغلت مع فرق مسرحية أخرى (فرقة البدوي وفرقة
عبد العظيم الشناوي الأولى، نموذجين)، قبل أن تلتحق بالكونسيرفاتوار بغية تعميق
معارفها في المسرح وفنونه.
في الجانب السينمائي أخبرتني
الفنانة الراحلة فاطمة الشيكر أنها كانت تشتغل كسكرتيرة للمخرج الراحل محمد الركاب
في النصف الأول من عقد السبعينات ، حيث حضرت لحظات تصوير فيلمه الروائي الطويل
الأول "رماد الزريبة " ، وبعد مشاركتها في المسيرة الخضراء سنة 1975 ،
سافرت إلى فرنسا لإتمام تعليمها العالي في الأدب والحضارة الفرنسيين وحصلت سنة
1979 على دبلوم في الدراسات العليا . أما أول وقوف لها كممثلة أمام كاميرا السينما
فكان في الفيلم الروائي الطويل الثاني لمحمد الركاب "حلاق درب الفقراء"
(1982) مباشرة بعد عودتها من فرنسا سنة 1981 .
لم يقتصر اشتغالها في
السينما على التشخيص فحسب بل اضطلعت بمهام
تقنية في الملابس والسكريبت وغير ذلك.
تتكون الفيلموغرافيا
السينمائية لفاطمة الشيكر من العديد من العناوين المغربية والأجنبية المصورة جزئيا
أو كليا ببلادنا، نذكر منها على سبيل المثال"ليالي جهنم" (2017) لحميد
بناني و"عمي" (2016) لنسيم عباسي و"دوار كونيكسيون" (2016)
لمصطفى أشاور و"سميرة في الضيعة" (2007) للطيف لحلو و"أوشتام"
(2006) لمحمد إسماعيل و"سعيد" (1998) للكتالاني ليورينس سولي و"يا
ريت" (1994) لحسن بنجلون و"إشتار" (1987) للمخرج الأمريكي إلين ماي…
هذا إلى جانب مشاركتها في
مجموعة من الأعمال التلفزيونية من قبيل السلسلة التاريخية الفرنسية "جزائر الأوهام" في ثلاث حلقات، من
إخراج فرانسوا لوسياني سنة 2001 ، ومسلسلي "المرسى والبحار" (2005)
للمخرج المصري أحمد صقر و"مقطوع من شجرة" (2015) لعبد الحي العراقي،
وسلسلات "عبد الرؤوف ولانتريت" (2007) لمحمد لشير و"حديدان"
(الجزء 1) للمخرجة فاطمة بوبكدي و" نعام ألآلة" (2016) لزكية الطاهري
وأحمد بوشعالة، وأفلام "تيغالين" (2002)، في أربعة أجزاء، و"الكمين"،
في خمسة أجزاء، و"الدويبة" و" بوكيوض" من إخراج فاطمة بوبكدي
و"ليلة ممطرة" (2004) لمحمد العبداوي و" نوارة بنت الباتول"
لجمال السويسي و" وصال"
لحكيم القبابي…
وبالإضافة إلى التشخيص وممارستها
للصحافة في الثمانينات عبر منابر عدة نذكر منها "جريدة المعتقل" ومجلة "إنقطاع"
ومجلة "رياضة وترفيه" وغيرها، كتبت الفنانة فاطمة الشيكر الشعر
والسيناريو بالعربية والفرنسية، وقد راكمت في هذين المجالين العديد من النصوص
تحتاج إلى من ينفض عنها، أو عن بعضها على الأقل، الغبار لتخرج إلى النور على شكل
دواوين أو أعمال سمعية بصرية…
رحم الله الفنانة فاطمة،
المحبوبة من الجميع ، وألهم ذويها وأصدقاءها وعشاق فنها الصبر الجميل.. وإنا لله
وإنا إليه راجعون.
أحمـد سجلماسـي
0 التعليقات:
إرسال تعليق