google.com, pub-6282892942598646, DIRECT, f08c47fec0942fa0 قطـران وحليـب أمـي | الـوقـائـع بـريــس
الرئيسية » » قطـران وحليـب أمـي

قطـران وحليـب أمـي

كتبـه maafennan الخميس، 20 فبراير 2014 | 2:26:00 ص

إبداعــات أدبيـة..

قطـران وحليـب أمـي

                         سعيـد فـردي

لا زال يذكر أن أمه كانت تحكي له، وهو آنذاك، طالب في الجامعة، أن أمه، رحمها الله، كانت ترضعه من حليبها الطبيعي الطري المبارك، وهو رضيع ثم وهو طفل، وظلت ترضعه حليب "بزولتها" حتى كبر، وأصبح يعي ويدرك..
ويذكر أن أمه، عندما كانت تخرج إلى الساحة الفسيحة، المقابلة لمنزلهم في الحي الذي يسكنونه، كعادتها لتجلس برفقة صديقاتها الأمهات، وهن يتجاذبن أطراف الحديث عن محنهن ومصائرهن مع دوران الزمن، عن المعيش اليومي وكدح أزواجهن اليومي لتوفير لقمة العيش لسد رمق أفواه العائلة..
كانت أمه ترضعه من حليب "بزولتها" حتى يشبع ويندلق الحليب بين شفتيه، ويترك "بزولة" أمه التي تعيدها إلى غمدها إلى صدرها الحنون، فيجري مهرولا باتجاه أقرانه يلعب معهم حيث يلعبون ألعابهم المفضلة ألعاب الطفولة، يلعب الكرة أو لعبة الجري "دينيفري"، أو لعبة "الطرومبيا" و"الميني غات" ويترك "بزولة" أمه تسيل حليبا مدرارا..
يذكر، كما حكت له أمه، التي تكون منهمكة في الحديث مع إحدى جاراتها من الأمهات، أو وهي منشغلة بغزل الصوف المباركة، وبعد أن يمل من اللعب مع أترابه من الأطفال، كان يقصد أمه ويخرج بنفسه "البزولة" من غمدها ويشرع في رضع ومص حليبها حتى يندلق على شفتيه ووجنتيه الصغيرتين..
ويذكر أن أمه، رحمة الله عليها، كانت تحكي له، وهو رجل، أنها كانت تتراجع مرارا عن "فطامه" تحت ضغط احتجاجاته التصعيدية، فكلما اتخذت قرارا من هذا النوع، كان الطفل ينخرط في موجة من البكاء والصراخ اللانهائي،  في يوم وليلة، حيث لا ينامون في الليل وهو يبكي ويصرخ عن حرمانه من "البزولة" ومنعه من رضع ومص حليب أمه الطبيعي المبارك..
يذكر، كذلك، أن أمه كانت تضع "تطلي" "حلمتي بزولتيها" بمادة القطران ، إيذانا بفطامه وبانتهاء مرحلة رضاعته، "تدهن بزولتها" بالقطران، وكلما حاول الطفل الاقتراب من "البزولة" وفي نيته أنه سيرضع حليبها اللذيذ، كان يصطدم بمذاق القطران المر مرارة الحنظل، فيتراجع وينخرط في البكاء والصراخ والعويل، وهو لا يدري بأن أمه قد تعبث وأنه أرهقها بمص "بزولتها"، وقررت فطامه عن "البزولة".. وأنه لم يعد طفلا رضيعا، فهو قد كبر عن الرضاعة وأصبح يلعب مع أقرانه من أطفال الحي، بل أصبح رجلا.. وعليه أن يترك "بزولة" أمه بحليبها للوافد الجديد، قد يكون أخا أو أختا له.
وأنا اقرأ عن هذا الراوي الغائب، وهو يحكي عن ما فعله قطران وحليب أمه به من أفاعيل، عدت لثوي إلى زمننا هذا، حيث بدأت تنقرض عادة الرضاعة الطبيعية للأطفال في مجتمعنا، إلا من رحم ربك..
أمهات اليوم، بين قوسين، لا يبدين اهتماما بإرضاع أطفالهن حليب "البزولة"، فهن يخفن على قوامهن ورشاقتهن، وعلى جمالهن المصنوع والمصبوغ و"الله يخلف على الحليب الاصطناعي المبستر وحليب المسحوق، الذي يباع في الأسواق الممتازة وفي الصيدليات وفي كل مكان..
شتان ما بين أمهات اليوم وأمهات زمان.. الأمهات اللواتي أرضعن أطفالهن وأبنائهن بأنفسهن.. أمهات أرضعن أجيالا حليب "البزولة" الحليب الطبيعي المبارك..
هن الأمهات الحقيقيات .. الأمهات المناضلات الكادحات والمكافحات.. الأمهات مصرفات المكتوب..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

لروح الممثل الراحل محمد البسطاوي

افتتـاحيـة

افتتـاحيـة
الوقـائـع بـريـس

وردة تبكي بليغ في بودعك


حامد مرسي دنجوان عصره


البدوية القتالة سميرة توفيق


لاني بنايم ولاني بصاحي أبوبكر سالم


بليغ وأم كلثوم لقاء الملك بالست


الرائعـة فايـزة أحمـد


عندما يتسلطن الموسيقار العميد


يا عطارين دلوني غناء أحلام


"ثلاثي التشخيص الراقي في "وجع التراب



لماذا لم يعد المغاربة يذهبون إلى السينما؟

لماذا لم يعد المغاربة يذهبون إلى السينما؟
ملف الوقائـع الأسبوعي

تابعوا الوقائع على فايسبوك

الوقائع بريس

مـن هنـا يبـدأ الخبـر الفنـي مـن الوقائـع بريـس ..

لمـاذا الوقـائـع بـريـس؟

مـن نحـن؟