ثقافـة وفنـون..
الوقائـع الثقافـي
الثروة اللامادية والتراث الجماعي في المهرجان الدولي
للطريقة العيساوية بالدار البيضاء
الوقائـع
بريـس
تحت شعار
" فكرة، ثقافة، ممارسة " تستقبل العاصمة الاقتصادية لبلادنا، الدار
البيضاء، ما بين 19 و 21 أبريل 2018، المهرجان الدولي للطريقة العيساوية، التي
تحتفي بذكرى ميلادها الأولى بقصر المشور في الدار البيضاء، الدورة من تنظيم جمعية
فاس سايس بشراكة مع العديد من الجهات العمومية والخصوصية، وستعرف هذه التظاهرة
الكبيرة مشاركة مجموعة من الفرق الفنية من داخل المغرب وخارجه.
ويشمل برنامج الدورة أيضا لقاءات، ندوات ومحاضرات يساهم فيها باحثون ونقاد من حقلي الثقافة والموسيقى. خلال هذه الدورة، يتم تكريم شيوخ الطريقة العيساوية، الذين يزخر مشوارهم الثري بالعديد من الميداليات و التتويجات وطنيا ودوليا، وذلك بمشاركة صفوة مميزة من الفاعلين الفنيين والثقافيين. تنطلق أنشطة التظاهرة يوم الخميس 19 أبريل بسهرة افتتاحية، عبارة عن مزج بين عيساوة و الجاز مع عبد الله اليعقوبي، عيساوة فاس و فرانسوا لييندرمان القادم من سويسرا. يتلوها إنشاد روحاني من حلب يؤديه بدر رامي.ستكون ليلة 20 أبريل بمثابة تكريم للموسيقى الأندلسية بمشاركة الطائفة العيساوية للدار البيضاء يرأسها المقدم محمد الكوهن يرافقه مروان حجي والكورال المغربي " أندلوسيا " تحت قيادة عبد الحميد السباعي. يسجل السبت 21، انطلاق منتدى حول: " دور الصوفية في تربية الأجيال ونشر قيم الحب والتآخي " يجمع اللقاء صفوة من المسؤولين، الباحثين والخبراء لمناقشة مختلف المواضيع المقترحة. باعتبارها نموذجا لنشر قيم الحب و التآخي، ستحتل الطريقة العيساوية مركز النقاشات. تنطلق الليلة بسمر روحاني ( ليلة ربانية ) بمشاركة الطائفة العيساوية لفاس، يسيرها المقدم سعيد برادة. وتنتهي بمزج بين لطفي بوشناق والطائفة العيساوية التونسية.
باعتباره
الأول من نوعه، يشكل المهرجان فرصة يتقاسم خلالها المواطنون والشركاء في التنمية
لحظة فرح وغبطة من خلال مجموعة من الأنشطة الغنية على مستوى التبادل والتقاسم.
بذلك، يفرض هذا المهرجان الدولي نفسه كموعد لا محيد عنه لمجموع سكان جهة الدار
البيضاء - سطات، التي يساهم فعلا في
إشعاعها الثقافي وجاذبيتها السياحية. إنه يترسخ أكثر في محيطها بتركيزه على الثروة
غير المادية لبلادنا، وذلك على ضوء الخطاب الملكي:"إننا نعتقد أن النموذج
التنموي المغربي، قد بلغ درجة من النضج، تؤهلنا لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة،
لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة
المواطنين وهو ما أكده البنك الدولي، الذي أبرز أن القيمة الإجمالية للمغرب، شهدت
خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا ملموسا، وخاصة بفضل النمو الكبير لرأسماله غير
المادي.
ويعتبر
الرأسمال البشري غير المادي من أحدث المعايير المعتمدة دوليا، لقياس القيمة
الإجمالية للدول
وكما هو
معروف، فقد شهدت المعايير التي يعتمدها المختصون في المجالين الاقتصادي والمالي
لقياس الثروة، عدة تطورات. فقد كانت القيمة الإجمالية للدول تقاس سابقا، حسب مواردها
الطبيعية، ثم على أساس المعطيات المتعلقة بالناتج الداخلي الخام، الذي يعكس بدوره
مستوى عيش المواطن.
وبعد ذلك، تم
اعتماد مؤشرات التنمية البشرية، لمعرفة مستوى الرخاء لدى الشعوب، ومدى استفادتها
من ثروات بلدانها. وخلال تسعينات القرن الماضي، بدأ العمل باحتساب الرأسمال غير
المادي كمكون أساسي، منذ سنة ء00خ، من طرف البنك الدولي.
ويرتكز هذا
المعيار على احتساب المؤهلات، التي لا يتم أخذها بعين الاعتبار من طرف المقاربات
المالية التقليدية. ويتعلق الأمر هنا بقياس الرصيد التاريخي والثقافي لأي بلد،
إضافة إلى ما يتميز به من رأسمال بشري واجتماعي، والثقة والاستقرار، وجودة
المؤثات، والابتكار والبحث العلمي، والإبداع الثقافي والفني، وجودة الحياة والبيئة
وغيرها."
( موجز من الخطاب الذي وجهه صاحب
الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة
بمناسبة عيد العرش، يوم 30 يوليوز 2014).
سيؤدي فنانو
ومريدو هذه الطريقة الصوفية جزءا من الجانب المقدس لتعاليم محمد بن عيسى
( 1456-1522 /
882 -933 ه)، الملقب ب " الشيخ الكامل " بتلاوتهم لحزب الشيخ الرائع.
بعيدا عن كل مظهر فولكلوري وسياحي، سيتضمن مهرجان هذه السنة بوجه الخصوص برنامجا
غنيا ومتنوعا. والهدف الرئيس هو الإسهام في تحقيق معرفة معمقة أكثر بهذه الطريقة
الصوفية، ارتباطها بالمغرب وانفتاحها على العالم... وسيضمن هذا الحدث الثقافي
استمراريته بالدار البيضاء. إنه يطمح إلى أن يكون فضاء وسيطا لتعميق الأفكار
وتبادل وجهات النظر في إطار عملية نسج للسلام والتسامح. يندرج المهرجان في سياق
مقاربة بناءة وليست انتكاسية تقوم على أهداب الطريقة الصوفية والروحانية التي نجحت
في تقاسم منجزها عبر العالم.
ينبغي التذكير
بأن لفظي عيساوة وعيساوي، المشتقين من اسم المؤسس، يحيلان بالتتالي على الطريقة
ومريديها. وانطلاقا من الأصل الأورثودكسي،
على نحو واضح، تحولت الطريقة العيساوية
إلى ظاهرة اجتماعية مركبة، في نقطة مفصلية بين القدسي والدنيوي، بين المجال
العمومي والخصوصي والثقافات العالمة والشعبية.
اشتهر عيساوة
في العالم العربي بموسيقاهم الروحية المتسمة باستعمال " الغيطة "،
الإنشاد الجماعي الديني بمرافقة جوق يستعمل آلات قرع تبعا لإيقاعات مختلفة
متداخلة. أما احتفالهم الطقوسي المركب، الذي يبرز رقصات رمزية تأخذ المشاركين إلى
الجذبة، فتجري، من جهة، في نطاق خاص، خلال الحفلات المنزلية المنظمة بطلب من
الخواص ( الليلة ) و، من جهة أخرى، في مناخ عمومي احتفاء ببعض المناسبات (
المواسم، التي هي أيضا بمثابة محج) وأنشطة سياحية (عروض فولكلورية أو دينية:
رمضان، عيد المولد...).
0 التعليقات:
إرسال تعليق