إعــلام..
مصطفى الخلفي: مشاريع قوانين الصحافة والنشر
تعد في إطار نقاش عمومي وتشاور مستمر مع المهنيين
في ندوة السياسات العمومية وتنظيم قطاع الصحافة
بالمغرب"مشاريع قوانين الصحافة"
وقائـع بريـس
قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم
الحكومة في الندوة الدولية حول "
السياسات العمومية وتنظيم قطاع الصحافة بالمغرب "مشاريع
قوانين الصحافة": "إن ما نعيشه من نقاش على مستوى مشروع مدونة الصحافة والنشر
وعلى مستوى الخدمة العمومية في المجال الإعلامي يبقى نقاشا صحيا ومطلوبا وإيجابيا من
أجل ربح رهان الجيل الثاني من الإصلاحات الذي تحتمه المقتضيات الدستورية الجديدة والالتزامات
الدولية للمغرب".
المقاربة التشاركية في
إصلاح البيئة القانونية
إصلاح قوانين الصحافة والنشر المنتظر منذ عشر سنوات يتموقع
ضمن الجيل الثاني من الإصلاحات، والذي سيكون نتاج نقاش عمومي، وهي المقاربة التي تبنتها
الحكومة بتشاور مع المهنيين، إذ كان بالإمكان أن يكون النقاش على مستوى البرلمان باعتبار
أن المشاريع كانت جاهزة على مستوى الوزارة في أكتوبر 2012، لكن ارتأينا أن نخوض نقاشا
مفصلا ومطولا حول عدد من القضايا.
وبالتالي فإن مشاريع قوانين الصحافة والنشر لا تعد خلف
الأبواب المغلقة مثلما يدعي البعض، بل تعد في إطار نقاش عمومي وتشاور مستمر مع المهنيين،
بحيث أن كل مشروع يتم إعداده يتم تسليمه إلى المهنيين، كما أن هذه المشاريع سيتم وضعها
على الموقع الالكتروني للأمانة العامة للحكومة للنقاش، فنحن لا نريد حرق المراحل، لأن
ذلك قد يكون على حساب هذا الإصلاح، وكذلك لكي لا نضطر إلى خوض نقاش جديد مباشرة بعد
المصادقة على القوانين في البرلمان مثلما حصل سنة 2002.
إننا نشتغل على الجيل الثاني من الإصلاحات في مجال الإعلام
والاتصال من خلال مقاربة تشاركية وتشاورية واسعة وعميقة تجعل من الإصلاح إصلاح الجميع
للجميع، وهو ما يفسر أخذ الوقت الكافي والتعاطي بروح رياضية مع كل الانتقادات التي
تثار، لأنها إيجابية وصحية ومطلوبة ويتم التفاعل معها بشكل إيجابي.
التوجهات الكبرى للإصلاح
التوجهات الكبرى لإصلاح قوانين الصحافة والنشر تتمثل في
إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بعقوبات بديلة، وإرساء آليات ديمقراطية ومستقلة
للتنظيم الذاتي تعزز من استقلالية الصحفي، وجعل منع الصحف أو حجب المواقع الإلكترونية
اختصاصا حصريا للقضاء وتحقيق الاعتراف القانوني بالصحافة الالكترونية، وضمان حرية الوصول
إلى المعلومة. وقد أعلن السيد رئيس الحكومة عن هذه التوجهات الخمس الكبرى بالبرلمان
وعبر عن التزام حكومي على أعلى مستوى بهذه التوجهات.
كما أنه من بين التوجهات الأساسية للإصلاح توفير الحماية
القضائية لسرية المصادر، بحيث أن المغرب سيتصدر عمليا الدول العربية في هذا المجال،
وهي حماية تقتضي عدم الكشف عن المصادر إلا بقرار قضائي وأن الأمر يتعلق بحالات محدودة
ينص عليها القانون، وهي الأمن الوطني والدفاع والحياة الخاصة للأفراد، وهي حالات جرى
الاجتهاد الحقوقي في مجال حرية الصحافة على المستوى الدولي حولهما.
أما بخصوص المجلس الوطني للصحافة فهو سينتج عن انتخابات
مباشرة للصحفيين والناشرين وسيضطلع بمهام تقنين الولوج إلى المهنة من خلال منح بطاقة
الصحافة الذي يعد حاليا اختصاصا لوزارة الاتصال، كما سيضطلع المجلس بالدفاع عن حرية
الصحافة والبث في النزاعات ذات العلاقة بأخلاقيات المهنة.
من بين التوجهات الأساسية للإصلاح كذلك إرساء آليات لتعزيز
حماية الصحفيين، إذ أن هناك حاجة للقطع مع
الاعتداء على الصحفيين باعتباره يخالف الدستور الذي ينص على أن حرية الصحافة مضمونة
وكذا الالتزامات الدولية للمغرب. وقد اعتمدت وزارة الاتصال آلية أولية من خلال تكليف
المفتش العام للوزارة بتلقي وتتبع الشكايات المتعلقة بالاعتداءات.
نشتغل كذلك على تطوير المنظومة القانونية المتعلقة بالمهن
المساعدة للصحافة وهي الطباعة والتوزيع والإشهار بما يعزز استقلالية المقاولة الصحفية
عن طريق إرساء قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص والحد من الممارسات الغير نزيهة. حيث سيتم
إرساء مقتضيات قانونية جرى التشاور بشأنها مع المشتغلين في قطاع الإشهار والتوزيع والطباعة
ونعتقد بأن التقدم في معالجة الإشكاليات المرتبطة بهذه المجالات سيمثل أحد المداخل
الأساسية للنهوض باستقلالية المقاولة الصحفية وحمايتها من تأثير جماعات التأثير والضغط
والمال، وهو التحدي الذي يتجاوز بكثير التحدي المرتبط باستقلالية الإعلام عن السلطة
التنفيذية والمجموعات السياسية والحزبية. وهي إشكالية مطروحة عالميا ولا نعتقد أنها
ستحل بالمقاربة القانونية، التي تعد فقط مدخلا، بل إن حلها سيتم بتعزيز آليات التنظيم
الذاتي والمدني على المستوى المؤسساتي والمهني.
هناك أيضا حاجة لمواكبة الإصلاح القانوني بمجهود جماعي
لتحسين المناخ الصحفي ببلادنا، ذلك أن الصحافة ليست فوق الانتقاد، وأن الانتقاد الموجه
للصحافة لا يمكن أن يعتبر بأي حال من الأحوال مسا بحرية التعبير، وأن نعي جميعا بالحاجة
إلى تأسيس ثقافة الاختلاف والقبول بالرأي الآخر والتوازن في التعاطي مع القضايا، وهي
حاجة دائمة ومتجددة وتمثل جوهر الوظيفة الديمقراطية للإعلام باعتبار أن الديمقراطية
لا يمكنها أن تتقدم في غياب صحافة حرة ونزيهة.
إصلاح القضاء والإصلاح
المؤسساتي
استكمال الإصلاح القانوني ضمن الجيل الثاني للإصلاحات في
حاجة إلى أن يوازيه الإصلاح القانوني المرتبط بالمنظومة القضائية، ولهذا نقدر عاليا
نتائج الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة والذي نص على إحداث غرف متخصصة في قضايا
الصحافة والنشر يشغلها قضاة متخصصون، ونصت على تيسير المعلومة المرتبطة بالمجال القضائي
والذي يمكن من تأسيس مراقبة مدنية ومجتمعية للقرارات والأحكام القضائية بما يحول دون
أي شطط أو تعسف أو عدم إعمال للقانون وفق روحه وقواعده.
مواكبة الإصلاح القانوني لمنظومة الصحافة يتطلب أيضا على
المستوى المؤسساتي تقوية هيئات الضبط والتنظيم
الذاتي المكونة من المهنيين، من مثل لجان الأخلاقيات داخل المقاولات الصحفية أو لجان
المعايير والتي تبت في النزاعات المهنية الصرفة، ومن مثل الدور المفترض للهيئة العليا
للاتصال السمعي البصري، وهو دور أساسي ومحوري ولا بد من التنويه به وتقديره، على اعتبار
أن هذه الهيئة تمثل صمام أمان لاستقلالية الإعلام على المستوى السمعي البصري، باعتبارها
هي المخولة بمراقبة تفعيل دفاتر التحملات.
ولهذا أتفهم خوف البعض من أن تفتحص
برامج الجريمة من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، خاصة عندما يكون معنيا
بهذه البرامج وهو الذي يقدمها بالتلفزة وبالتالي يجد نفسه موضع دراسة من طرف الهيئة
الدستورية المكلفة بذلك. ولهذا كنت صارما وحازما في أي شيء يمكن أن يؤدي إلى تعطيل
لجوء الحكومة إلى هذه الهيئة، وهو لجوء سيصبح مسألة عادية، فبخصوص إحدى التقارير الإخبارية
التي مرت هذا الأسبوع حول سعر الكهرباء، سأضع طلبا لدى الهيئة العليا للاتصال السمعي
البصري حول هذا الموضوع بخصوص مدى احترام التوازن والرأي والرأي الآخر وتعددية الآراء،
كما سأحيل نفس الطلب على لجان الأخلاقيات داخل القنوات المعنية.
استقلالية الإعلام
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعود إلى الوراء وأن نتصور
تدخلا من السلطة التنفيذية في الإعلام، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن تأول استقلالية
الإعلام بأن يصبح خارج مراقبة الهيئات التي أرساها الدستور ممثلة في الهيئة العليا
للاتصال السمعي البصري وهي الهيئة المخولة حصريا أن تقوم بالمراقبة. وبالتالي، فإن
التطور الديمقراطي يقتضي تقوية دور هذه الهيئات.
استكمال تحرير المشهد الإعلامي
هناك حاجة أيضا لاستكمال تحرير المشهد السمعي البصري وتعزيز
شروط المنافسة حتى تتحقق الأهداف المتعلقة بالجودة والاستجابة لانتظارات المغاربة وتطلعاتهم
لإعلام مهني وديمقراطي وحر ومسؤول ونزيه يستجيب للتحديات التكنولوجية. ولا أعتقد بأننا
سننجح في منافسة الضغط الإعلامي القادم من الخارج بالإنتاج الخارجي. ففي إطار دراسة
علمية أجريت في شهر مارس على 130 مادة قدمت في القناتين الأولى والثانية، تبين أنه
في شهر واحد شكل حجم المسلسلات التي تنتج من أصل 11 مسلسل يقدم للمغاربة 3 فقط مسلسلات
مغربية ومعادة. لا يمكن أن ننافس الآخر بما ينتجه الآخر. "تمغربيت" والهوية
المغربية شكلت الخصوصية المغربية وحمت استقلالية المغرب، بحيث كانت فترات الاستعمار
الأجنبي محدودة، وهي هوية قائمة على التنوع الثقافي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن
ندعي المنافسة ونسب المشاهدة العالية بإنتاج أنتجه الآخر. ولهذا أحيي عاليا الصحفيين
المغاربة خاصة الذين يشتغلون في الإعلام السمعي البصري ويقدمون إنتاجا متميزا ومتقدما
يحمي هويتنا كمغاربة ويقدر إبداعاتهم وعطاءاتهم. وهي مناسبة لتجديد الثقة في قدراتنا
وعطاءاتنا.
وبالتالي فإن الجيل الثاني للإصلاحات
يتم على مستوى المنظومة القانونية، كما يتم على مستوى الارتقاء بمناخ الممارسة الصحفية
وفق أخلاقيات المهنة وتطوير المنظومة القضائية والمؤسساتية واستكمال تحرير المشهد السمعي
البصري بما يمكننا من المنافسة على المستوى الدولي والعالمي ويحمي هويتنا المغربية.
العلاقة مع التقارير الدولية
ليس هناك مشكل في التعامل مع التقارير
الدولية، إذ أن غالبيتها التي تصدر على بلادنا هي رصيد إيجابي يساهم في تطور بلادنا،
إذ أنه في الآونة الأخيرة صدر أزيد من 12 تقرير دولي ومن ضمنها التقارير المتعلقة بوفيات
الأمهات والقضاء والتنافسية والأنترنت والنوع والرشوة وتقرير منظمة "أيريكس"
الخاص بالإعلام، وهي تقارير تعاطينا معها بمسؤولية واعتبرنا ما ورد فيها إيجابيا بالرغم
من كونها تضمنت انتقادات حادة. في حين صدرت 5 تقارير أخرى اعتبرناها غير منصفة، وهي
تقرير الخارجية الأمريكية الخاص بحقوق الإنسان وتقرير مراسلون بلا حدود الخاص بحرية
الصحافة وتقرير فريدوم هاوس وتقرير هيومن رايتس ووتش الخاص بالهجرة. في حين أن تقريري
مراسلون بلا حدود الخاصين بالأنترنت وبالانتهاكات الجسيمة كانت منصفة وإيجابية. كما
أن تقرير فريدوم هاوس الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالرغم من أنه كانت حوله بعض
الملاحظات كان منصفا، لكن بالمقارنة مع تقرير نفس المنظمة حول حرية الصحافة هناك هوة
شاسعة. تقرير حرية الصحافة لم يكن منصفا لسبب بسيط هو أن بلدا عرف محاكمة عسكرية لصحفي
وصدر على إثرها حكم بالسجن في حق هذا الصحفي بسبب اشتغاله على مافيا السلاح وبالرغم
من ذلك تقدم هذا البلد على المغرب ب35 نقطة، كما أن بلدا عرف قتل للصحفيين واختطافهم
واستفاد من تصنيف تقدم فيه على بلادنا ب73 نقطة. وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال
أن يعتبر مثل هذا التصنيف منصف".
0 التعليقات:
إرسال تعليق