آراء
ومواقـف..
جاء
ليحارب الفساد فحارب الحقيقة
أحمـد
أخميـس
غالبا، في هذا الوطن الجريح،
ما يجد المرء نفسه قلقا، حائرا، تائها، فيبدو له أن كل البوصلات تعطلت، وأن أدوات التحليل،
عكس ما هو موجود في العالم بأسره، لا تجدي نفعا في ظل مفارقات وتناقضات قاسية ، في
كل ناد ، وفي كل مناسبة ، تسمع خطابات رنانة مغرية جذابة، توازيها وتقابلها سلوكات
وممارسات وقرارات مريرة بينها وبين الخطابات الرنانة هوة سحيقة أكبر من أن تردم ببعض
(التوابل ) التي لا ترفع جوعا ولا جورا. قديما قال الشاعر الحكيم المتنبي: ذو العقل
يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم ... سوءات الحياة ومثالبها
الكبرى وتناقضاتها المميتة هي التي تجعل الإنسان تحت وطأة وتأثير القلق المرعب يتمنى
لو لم يكن عالما بما يجري ويدور خصوصا حينما يصطدم ببعض الحقائق المؤلمة التي تقع هنا
والآن.
بفضل صديق عزيز تابعت شريطا ( فيديو ) بعث به إلي
هذا الصديق الأروع، أثناء وبعد مشاهدته بهت، وتألمت، وتساءلت: ألا لهذا الوطن رب يحميه؟
من يرفع عنه ظلم الظالمين، وفساد الفاسدين المفسدين؟ من خلال الشريط، وبالجرأة والصراحة
والوضوح، تبين إلى أي مدى ضاع الوطن، إذ نهبت ثرواته، واستبيحت خيراته، من قبل أوغاد
همهم الأوحد: التكالب على الأموال العامة ونهبها نهارا جهارا.
شخصيا، لا يهمني من يكون الشخص الذي يتحدث في الشريط،
ولكن تهمني الهيئة التي يتحدث باسمها لأنها آلت على نفسها الدفاع عن المال العام، وما
يهمني أشد وأقوى مايدلي به الرجل من تصريحات صادمة، إنه رئيس الهيئة الوطنية لحماية
المال العام الذي قال: إنه طرح ملفات، باسم هيئته، على القضاء، واتهم بشكل صريح وواضح
أشخاصا ذكرهم بأسمائهم وسماتهم، يتشكك بل يتهمهم بتبذير ونهب الأموال العمومية، نحن
أمام اتهامات بل شكايات قدمت للنيابات العامة في العديد من الجهات، الأمر إذن في غاية
الجدية، وفي منتهى الخطورة، الشريط تحدث مثلا عن الأموال المهربة وقال بأنها تقدر بأربعة
وثلاثين ألف مليار سنتيم، كم أدخل منها بنكيران بعفوه عن المجرمين مصاصي دماء أمة الفقراء؟
لاشيء.
الشريط تحدث عن العديد من
أقطاب السياسة مستحضرا فضائحهم، هاهو توفيق حجيرة وستمائة مليار المخصصة لمحاربة مدن
الصفيح، إذ لا مدن الصفيح حوربت، ولا الأموال المخصص لها عرف أين صرفت أو تبخرت، وأيضا
غلاب وصفقاته المشبوهة، وشباط ومناصرته لصاحب السوق البلدي بإنزكان بأكادير، وبادو
وشقتيها ...
ولم يفت المعني المتحدث أن
يقف عند السلطة الرابعة وإفسادها وتمريغ سمعتها في التراب من طرف أصحاب الجرائد التي
تنعث نفسها بالمستقلة وهي غارقة في الانحياز، واستدل بكونه أعطى ملفا فاسدا حول الصندوق
الوطني للضمان الاجتماعي لنشره، فإذا بالجريدة ابتزت به المعنيين به، والنتيجة أن الملف
أقبر. وماذا بعد ؟ من يحمي البلاد من هذه الجراثيم؟ أين القضاء؟ أين وكلاء الملك؟ أين
الذين أتوا محمولين على متن شعار ( محاربة الفساد والاستبداد)؟
لماذا يعتقل في هذه البلاد
إلا الشرفاء بينما المجرمون لا يمسون بسوء أبدا، محميون ويترقون؟ قيل الكثير عن أجرهم
من طرف الإعلام، قيل بأنه: عليه ضرائب متراكمة لم يؤدها ، أين هو اليوم ؟ ترقى ترقى
ترقى...
0 التعليقات:
إرسال تعليق