google.com, pub-6282892942598646, DIRECT, f08c47fec0942fa0 منهج القرآن في إحياء الأمة وتنشئة أجيال الرواد | الـوقـائـع بـريــس
الرئيسية » » منهج القرآن في إحياء الأمة وتنشئة أجيال الرواد

منهج القرآن في إحياء الأمة وتنشئة أجيال الرواد

كتبـه maafennan الاثنين، 29 مايو 2017 | 7:18:00 ص


الوقائـع بريـس
مقـالات الـرأي..
منهج القرآن في إحياء الأمة وتنشئة أجيال الرواد

كتـــب: الشيـخ عبـد الكريـم مطيـع الحمـداوي الحسنـي  

قال الحق تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ..} سورة الممتحنة 4.
بهذه الآية الكريمة يخاطب الله تعالى المؤمنين، عقلاءهم وسذَّجهم، وغافليهم عن الباطل بالطبع، ومتغافليهم بالعمد عن الحق لمصالحهم السياسية والمادية، فيقدم لهم نموذجا عمليا رشيدا لسلوك المؤمن في مواجهته ضلال المُضِلِّين والمضلَّلين، من الحكام والطوائف والأحزاب المتاجرة بالدين أو المعادية له. ويرشدهم إلى ضرورة تحرير عقولهم أولا من هيمنة المصالح الدنيوية وضغوط المؤثرات السياسية، وإلى  رفع هممهم عن سفاسف الأهداف وصغائر الأطماع، ليكونوا أهلا للانتساب إلى الإسلام وتحمل شرف الدعوة إليه.
فيا أيها الشاب المسلم حرر عقلك أولا ممن يحاولون تسخيره لغير الحق، وحرر سلوكك ممن يريدون توظيفه للباطل، واتخذ في هذا المجال من محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم عليه السلام وأنياء الله كلهم عليهم السلام، أسوة صادقة وقدوة مُثْلَى،  كما قال تعالى:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الأنعام 90 وكما شرحه بتفصيل في سيرة إبراهيم عليه السلام بقوله عز وجل:
قال الله تعالى:﴿وَوَهَبْنَا لَهُ   إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ   دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي   الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ   (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ   إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ   مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ   (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ   يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ   (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ   عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90)﴾ سورة الأنعام.
وإليكم تفصيل ذلك وشرحه بما يتيح لنا جميعا الاقتداء الرشيد والتصرف السديد:
كثيرا ما وُصِفت المرحلة المكية بأنها تربوية اهتمت بالبناء العقدي للمؤمن، ففُهِم من هذا أن يقتصر الدعاة في التنشئة الإيمانية على عقيدة التوحيد، وأن يؤجلوا الاهتمام بمنهج التكامل في بناء الشخصية المؤمنة تفاعلا إيجابيا في ساحات نصرة الحق على الباطل، معرفة وفهما ورصدا وخبرة، وتقديرا سليما للرجال والأفكار والمواقف، وتعبئة رشيدة وسَوْقا حكيما للقدرات المعنوية والمادية، وتدبيرا دقيقا لمستجدات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فطغت بهذا الفهم المحدود للمرحلة المكية على ساحة الدعوة والدعاة ظاهرة الانعزال عن حركة التاريخ، وظهرت به حركات رخوة سلبية في المجتمع، تصوفا أبله أو تكفيرا أرعن، بل نشأ عن الصحوة الإسلامية المعاصرة، جيل من البسطاء الأغرار، سمتهم الانخداع بزيف الأقوال وسقيم الآراء وبريق المطامع، وسيماهم سلاسة الزمام وذلته، والانسياق بغير روية إلى معارك لا يعرفون مبتدأها ولا منتهاها ولا من يقودها أو يستثمرها أو يوظفها أو يتاجر بها.
إننا لا نجادل في أن المرحلة المكية قد اهتمت بالعقيدة أولا، ولكن آيات القرآن الكريم التي نزلت فيها كانت شاملة متكاملة تغطي جميع مقومات الشخصية المؤمنة، عقديا وعقليا وثقافيا ونضجا فرديا وجماعيا، بما يجعلها، واعية لما ينتظرها من أمر دينها وأمتها، عصية عن الترويض والاستغفال والتسخير، مؤهلة لطبيعة المرحلة المدنية التي تقبل عليها وطبيعة المعارك التي تفرض عليها فيها.
إن هذه المرحلة المكية بما نزل فيها من آيات بينات، وعبر وعظات هي التي أخرجت لنا الجيل القرآني الفريد الذي قال عنه تعالى:﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود﴾ الفتح 29، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، فكيف لا يتخرج منها في عصرنا هذا خير الدعاة وفي منهج بنائها للإنسان أكثر من ستين حالة من حالات ضلال المشركين من قوم عاد وثمود وفرعون وغيرهم، مما أصبحت به نواياهم ونفسياتهم وأهدافهم ومكرهم على صفيحة مشرحة أمام أعين المؤمنين.
وكيف لا يتخرج منها خير القرون وقد عرفهم القرآن المكي أخبار الأنبياء والرسل وتجاربهم، وما واجهوه من مصاعب ومحن وعقبات اعترضت سبيلهم فتغلبوا عليها ولم يهنوا فيها ولم يستكينوا لها، وأبلغوا رسالة ربهم كاملة تامة غير منقوصة أو محرفة، بل إن حادثة الإسراء والمعراج وما ورد عنها في سورة الإسراء وهي مكية، وفي صحيحي البخاري ومسلم، إذ أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وصلى بإخوته الأنبياء عليهم السلام، ثم عُرِج به إلى السماء فالتقى بهم واحدا واحدا وسألهم واحدا واحدا، عن تجربتهم في الأرض، وصراعهم نصرةً للحق وإبطالا للباطل، كل ذلك كان كفيلا بتعميق وعي ذلك الجيل، وتوسيع أفق تفكيره وتجربته واطِّلاعه على آفاق دعوة الإسلام في الأرض والسماء، وعلى مناهج التفكير والتحليل والتخطيط والتجربة والصبر والمصابرة في المدارس النبوية السابقة من آدم إلى إبراهيم وبنيه عليهم جميعا أفضل الصلوات وأزكى السلام، وكفيلا بتحريره من الارتهان في المحدود الدنيوي، وطنا وقبيلة وعرقا ولونا ومصلحة آنية أو شهوة عابرة، وانعتاقِه من دائرة مغلقة في مكة وقد تحولت لديه بفساحتها الإيمانية وزخمها المعرفي منطلقا وقبلة ونقطة عبور والتقاء للأرض بالسماء، وكان بذلك أهلا للانتقال إلى الفترة المدنية بتكاليفها في النفس والأهل والولد والمال، بقيادة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
إن الفترة المكية أو ما يمكن تسميته "الأكاديمية الإسلامية الأولى" والقياس مع الفارق، كانت ضرورية لبناء الجيل القرآني الفريد الذي ائْتُمِن على الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدى الأمانة ونشر الرسالة، وكان خير شاهد على تكامل منهج البناء الإسلامي للإنسان.
ولئن توزعت عناصر هذا المنهاج بين سور المرحلة المكية، حسب سياق كل سورة وأسباب نزولها وطبيعة الأدواء التي تعالجها، فإنها في سورة الأنعام قد تكاملت واتضحت تصريحا وتلميحا، عبارة وإشارة، نموذجا حيا وقدوة حسنة، إذ حشد الحق تعالى في أوسط آياتها، ما بين الآية الرابعة والسبعين والآية التسعين، تجارب ثمانية عشر نبيا عليهم السلام، كانوا عماد شجرة النبوة الكريمة في الأرض.
وإذ بيَّنَ عز وجل بدءا من الآية الرابعة والسبعين تجربة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في أبعادها الإيمانية والإنسانية والعلمية والحركية وصراعها ضد الباطل شركا وجهلا وعنادا وعدوانية، فقد خص ما تلاها لمسيرة أبنائه الأنبياء من بعده، تكريسا لوصيته فيهم كما قال تعالى:﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ البقرة 132، ليكون وفاؤهم وصدق إخلاصهم وسعيهم لما تعهدوا به نبراسا وقدوة ومعالم في الطريق، وشهادة بين يدي أجيال الدعوة ومواكب الإيمان إلى يوم القيامة.  
إن الله تعالى إذ اختار للإنسان دين التوحيد يتعبده به، وقرر لهذه العبادة تكاليفها، وللمتعبد بها بلاءه وجزاءه، أراد لهذا الدين أن يبقى وينتصر فهيأ له أسباب البقاء والانتصار، وجعل رأس هذه الأسباب رسله الذين يبلغونه وأنبياءه الذين يُقتدَى بهم، قال عز وجل:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله﴾ غافر 78، وقال سبحانه:﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ الصف 9، وقال:﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ الفتح 28، كما حث الأمة في كل عصر على مواصلة طريق النبوة بعلمائها الصادقين فقال عز وجل:﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ فاطر 28، وقال سبحانه:﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ المائدة 44، وقال صلى الله عليه وسلم: (يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين)، واشترط في حَمَلَةِ هذا العلم النبوي شروطا من الخُلُق الكريم ولاء وصدقا وإخلاصا وأمانة، لأنهم أئمة الخَلْق بعد الأنبياء عليهم السلام، ولا يكون إماما للناس عالمٌ كاذبٌ يضلهم أو منافقٌ فاسق يغويهم، أو ظالمٌ عدو لله ورسوله والمؤمنين.
هكذا استمرت مسيرة الإيمان من آدم عليه السلام وقد عرف ربه وأسلم له، كلما ضلت البشرية بعث عز وجل إليها رسولا يأخذ بيدها إلى صراطه المستقيم، حتى إذا أطبق الشرك على الأرض في زمن طاغية متألِّه[[1]]، اصطفى الحق سبحانه عبدا من عباده، واحدا يعدل أمة، هو إبراهيم عليه السلام، قام بتبليغ رسالة الإسلام، صابرا محتسبا، فناله من البلاء ما تنوء به الجبال، ومن أذى قومه ما لا يطيقه إلا أولو العزم،  وجعله بذلك خليلا له عز وجل فضلا منه واجتباء ورفع درجة، وأبا للمسلمين في الأرض إلى قيام الساعة، كما قال تعالى:﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ الحج 78
لذلك عندما نصر الله حجة إبراهيم على قومه المشركين، بقوله تعالى:﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ الأنعام 83، جعل من الدرجات التي امتن بها عليه أن أكرمه بذرية صالحة يصطفيها للنبوة من بعده، يأتمنها بحكمته وعلمه وفضله على حمل رسالة الإسلام وتبليغها إلى البشرية، فقال عز وجل عن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام وقد أُمِرا برفع قواعد البيت الحرام:﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ البقرة 127 - 128، وقال إذ ابتليا البلاء المبين:﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾ الصافات 103 – 108. وكان من جائزة الله لهما بعد هذه المشاق أن أكرمهما واستجاب دعوتهما لأمتهما إذ قالا:﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ البقرة 129. فجعل في ذرية ابنه الوحيد حينئذ من زوجته هاجر، خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم مبعوثا للبشرية كلها بعد أن كان لكل قوم نبي.
ثم لما تقدم بإبراهيم العمر ويئست زوجته الثانية سارة من الإنجاب جاءته الملائكة في طريقها إلى قوم لوط عليه السلام، تبشره بالابن الثاني إسحاق والحفيد يعقوب بقوله تعالى:﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ هود 71 – 73. فكانت هذه البشارة منه تعالى هِبَةً زكية ودرجة عالية وإتماما لما خصه الله به من النعم إذ جعل شجرة النبوة الكريمة كلها في ذريته من إسماعيل وإسحاق ويعقوب إلى يوم الدين، وقال عز وجل:
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا﴾ الأنعام 84، أي وهبنا لإبراهيم بعد إسماعيل ولدا من صلبه هو إسحاق وآخر من صلب إسحاق هو حفيده يعقوب عليهم جميعا صلوات الله وسلامه، ﴿كُلًّا هَدَيْنَا﴾ الأنعام 84، أي هدينا إلى الإيمان والإسلام والنبوة كلا من إسحاق ويعقوب؛ وهو ما بينه الحق تعالى أيضا في الآية 72 من سورة الأنبياء بقوله عز وجل:﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾.
وإسحاق هو أصغر ولدَيْ إبراهيم، ذُكِر في هذا السياق أولا، لأنه هو الذي وهبه الله عز وجل بآية منه، بشرته به الملائكة في شيخوخته بعد ابتلائه برؤيا ذبح ولده إسماعيل ولم يكن له ولد سواه، وبعد محاولة قومه إحراقَه فأنجاه الله تعالى:﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ الأنبياء 68 – 69، وبعد اعتزاله المشركين ورحيله عنهم وهجرته من بلادهم فعوضه الله بذرية صالحة من صلبه وعلى دينه، قال تعالى:﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ مريم 49،
أما يعقوب بن إسحاق، ويدعى إسرائيل، فهو والد الأسباط الإثني عشر المذكور أمرهم في سورة يوسف، ومنهم تفرعت القبائل اليهودية الأصلية، التي كانت مع موسى عليه السلام في هجرته، وذكرهم القرآن الكريم بقوله تعالى:﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ الأعراف 160.
وقد تميز إسحاق ويعقوب بالحرص على ميراث أبيهم إبراهيم من الدين، ووصيته لهم بالوفاء لعقيدة التوحيد والعمل بمقتضاها، وأوصوا بذلك ذريتهم من خلفهم، كما قال تعالى:﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ البقرة 132 – 133،
وقبل أن يواصل الوحي الكريم عرض نِعَم الله على إيراهيم في نسله، أشار إلى نعمته عليه بشرف أصله إذ جعله من ذرية نوح عليه السلام[[2]] فقال تعالى: ﴿وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ الأنعام 84 أي: إن كان الله قد هدى إبراهيم إلى الإيمان فقد هدى جده نوحا من قبله، وهو بذلك فرع طيب لأصل طيب جعل الحق تعالى فيه النبوة والكتاب أيضا بقوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ الحديد 26.
ثم عاد الوحي إلى ذكر فروع هذه الذرية الصالحة يعرض تجاربها في الدعوة ومعالجتها لقضايا الشرك والمشركين وصبرها ومصابرتها على أذى أقوامها، فذكر أربعة عشر نبيا آخرين، لم يميز بينهم بمكانة أو ترتيب زمني أو فضل، وإن جعلهم في أربع مجموعات لكل واحدة منها صفات مشتركة بارزة.
أول هذه المجموعات، تضم داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، فقال تعالى:
﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ الأنعام 84، أي جعل من ذرية إبراهيم كلا من داوود وسليمان وقد ابتليا بالحكم والملك، فكانا قدوة في العلم والفهم والحكمة والعدل والشجاعة والصبر كما قال تعالى:﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ النمل 15، وقال: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾ الأنبياء 78 – 81.
ثم أضاف الوحي الكريم نبيين آخرين، فقال تعالى:
﴿وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ﴾ الأنعام 84، وقد تميز أيوب بمحنة المرض بعد العافية والفقر بعد الغنى وتنكُّرِ الأهل والأقارب والعشيرة، فصبر على كل المكاره ولم تُنْسِه واجبَ التوكل عليه سبحانه والثبات على عقيدة التوحيد ثم أنعم الله عليه بالفرج بعد الشدة وصلاح الأهل والذرية، فلم ينس شكر ربه والدعوة إلى دينه والحكم بشريعته، وقال عنه تعالى:﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ 83 – 84 الأنبياء،  كما تميز يوسف بما ابتلاه ربه به من عدوان الأقارب و قسوة الأباعد، والغربة في بلد غير بلده وقوم غير قومه، وبما عاناه من كيد النساء ومكرهن وإغرائهن، فكان منه الصبر الجميل والعفة والطهارة وتفضيل السجن على الخيانة والفاحشة كما قال تعالى:﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ يوسف 33، ثم حين ابتلي بالقوة بعد الاستضعاف، والسراء بعد الضراء، والحرية والحكم والسلطة بعد الاستعباد والسجن، صبر على شهوات النفس وفتنها فلم يُنْسِه ذلك واجبَ الشكر وإقامة العدل، مما هو مفصل في سورة يوسف.
ثم زاد الوحي بعدهما نبيين آخرين بقوله تعالى:
﴿وَمُوسَى وَهَارُونَ﴾ الأنعام 84، وقد تميزا بمواجهة أشد الأنظمة الطاغوتية بطشا واستكبارا، فرعون وهامان وجنودهما، وبالصبر والمصابرة على معالجة أمر بني إسرائيل، وهم أشد الشعوب عنادا ومراء واستعصاء، فجزاهما الله ومن ذُكِر معهم من الأنبياء خير الجزاء، بما أحسنوا الطاعة وصبروا على ما نالهم من المحن، وأخلصوا رعاية أقوامهم، وقال تعالى فيهم جميعا:﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ الأنعام 84. وإن كان وصفهم بالإحسان صفة مستحقة لجميع الأنبياء والمرسلين على تفاوت في الدرجات، لقوله تعالى:﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ البقرة 253.
ثم واصل الوحي الكريم عرض فئة ثانية من ذرية إبراهيم فقال تعالى:
﴿وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ﴾ الأنعام 85، وقد قتل اليهود الأول والثاني زكرياء ويحيى عليهما السلام عدوانا وظلما، وحاولوا قتل الثالث عيسى عليه السلام [[3]]، فحفظه الله ونجاه منهم ورفعه إليه، وأُرسِل الرابع إلياس عليه السلام إلى قومه من اليهود وقد عبدوا صنما يدعونه بعلا، فطاردوه وكادوا يقتلونه، وفيه نزل قوله تعالى:﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾الصافات 123 – 126، كما تميز أربعتهم بشدة الزهد والإعراض عن الدنيا وزينتها وسلطانها، وبما نالهم من محن في مقارعة الباطل والمبطلين، فكان وصفهم بالصالحين بقوله تعالى عقب ذكرهم:﴿كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ الأنعام 85 أنسبَ لمسيرتهم.
ثم أضاف الوحي الكريم كوكبة ثالثة من الأنبياء في ذرية إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى:
﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا﴾ الأنعام 86، وتميزوا كلهم بما ابتلوا به من المحن والفتن، وبما صبروا في الله وصابروا، مما ذكره القرآن الكريم في سياقات كثيرة من سوره، فأكرم الله مسيرتهم ورضي أعمالهم وبين فضلهم ودرجتهم عنده فقال: ﴿وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ الأنعام 86 أي وكل واحد منهم فضلناه على عالمي عصره في الدين والتقوى والعمل الصالح. وقد أخذ من هذه الآية الكريمة فقها أن لوطا من ذرية إبراهيم مع أنه ابن أخيه، تغليبا لاعتبار ابن الأخ ابنا من الذرية كما هي عادة العرب. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (يا عمرُ، أما شعرتَ أنَّ عمَّ الرجلِ صنو أبيه).
ثم توسع الوحي الكريم بذكر الصالحين المنتسبين بالأبوة أو البنوة أو الأخوة لهذه الكوكبة من الأنبياء عليهم السلام فقال تعالى:﴿وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ﴾ الأنعام 87.
وحرف "مِنْ" في هذه الآية للتبعيض، أي: إن هؤلاء الأنبياء المذكورين في هذا السياق ليسوا وحدهم من شملهم فضل لله تعالى ورحمته، بل شمل أيضا بعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم، ممن أشار إليهم الوحي بقوله تعالى:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ غافر 78، واختار منهم الحق تعالى أنبياء وعبادا صالحين كإدريس وهود وصالح عليهم السلام، لتبليغ رسالة الإسلام، ولذلك عقب بقوله عز وجل:
﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ﴾ الأنعام 87، أي: وقد اصطفيناهم واخترناهم للنبوة ﴿وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم﴾ الأنعام 87،وسدّدناهم وأرشدناهم إلى طريق مستقيم هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لأنبيائه، وأمر به عباده. وورَّثه لذرية الصالحين فيهم بقوله عز وجل:﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ الطور21، ويكفي هذه الكوكبة من الصالحين شرفا وفضلا وذكرا طيبا أن يكون منهم خاتم النبيين، وسيد ولد آدم عليه السلام، محمد صلى الله عليه وسلم، إذ هو من ذرية إسماعيل، وحفدة إبراهيم، عليهم جميعا أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
ثم عقَّب الوحي الكريم مبينا أن ما تفضل الله به على إبراهيم وذريته، آباء وذرية وإخوانا، من النبوة والرسالة وخيرية العالمين والهداية إلى الصراط المستقيم، هو فضل من الله وحده يختص به من يشاء من عباده، ولا اعتراض لمخلوق عليه، فقال عز وجل:
﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ الأنعام 88، ولفظ: ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى الدين الذي بعث به الأنبياء والرسل عليهم السلام، ﴿هُدَى اللَّهِ﴾ الأنعام 88، هو هداية النبوة التي آثرهم الله بها، وكلفهم برسالتها توحيدا خالصا وتصورا إيمانيا واضحا، وأنزل عليهم كتبها، صحفا لإبراهيم وزبورا لداود وتوراة لموسى وإنجيلا لعيسى وقرآنا لمحمد، عليهم الصلاة والسلام، ﴿يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ الأنعام 88، من أراد الله به خيرا هداه بهُدَى النبوة فأسلم وجهه لله عز وجل، وواصل سعيه رشدا ومجاهدة، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت 69، مشيئة الله تعالى هي ضابط الاختيار والاصطفاء والاجتباء والتثبيت في الأمر كله. 
إلا أن هذا الفضل العظيم الذي حبا الله الأنبياء به، إذ آثرهم برفيع الدرجات حكمة وكتابا ونبوة، لا يعفيهم من المساءلة الدقيقة والمحاسبة العادلة يوم القيامة، ولو فرض أن أحدهم أو كلهم وقعوا في الشرك ظاهرا أو خفيا، لبطل أجر أعمالهم في الدنيا والآخرة لقوله تعالى عقب ذلك:
﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الأنعام 88، وحبوط العمل في هذه الآية الكريم يعني بطلانه وذهاب خيره ونفعه وأجره، مع المحاسبة على الشرك المرتكب فيه، كما قال تعالى:﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقّ ﴾ الأعراف 6 – 8.
و"لو" في هذا السياق حرف امتناع لامتناع، أي لو أشرك الأنبياء وشركهم ممتنع، لحبطت أعمالهم، وحبوطها ممتنع أيضا لامتناع الشرط الذي هو الشرك. أما التحذير منه وإن كان موجها لفظا إلى الأنبياء والرسل ولا يحصل منهم، فإنما هو لغيرهم تشديدُ تحذيرٍ من الوقوع في صريحه اعتقادا أو عملا، ومن ارتكاب خفيه جهلا أو تلبيسا أو غفلة أو استدراجا أو غرورَ عبادةٍ واغترارِ اعتقادٍ، كما هو حال بعض الجهلة والمتصوفة والباطنية وغلاة الطوائف. لأن الشرك ظلم عظيم ووقاحة وعدوان لا يقبل معه عمل، ومآل المتلبس به النار. ولأنه تعالى غني عن العالمين جنا وإنسا وملائكة وأنبياء ورسلا، وعن جميع ما نعلم وما لا نعلم وما لا يحيط بعلمه إلا هو سبحانه، قال عز وجل:﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ الزمر 7.
ثم عاد الوحي الكريم لذكر ما ميز به الحق سبحانه أنبياءه عليهم السلام فقال تعالى:
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ الأنعام 89، ولفظ ﴿أُولَئِكَ﴾ إشارة إلى الأنبياء الثمانية عشر المذكورين، وغيرهم من الأنبياء في آبائهم وإخوانهم وذرياتهم، وقد آتى الله بعضهم الوحي مكتوبا كما في صحف إبراهيم وزبور داوود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وقرآن محمد عليهم أَوْفَى الصلاة وأزكى السلام، وأرسل بعضهم مبشرين بكتب نزلت على غيرهم، مثل سليمان وأيوب ويوسف عليهم السلام.
كما آتاهم جميعا الحكم بمعناه الواسع الذي هو الحكمة والفهم والحدس والمعرفة بمآلات الأقوال والأعمال، وإصابة النظر وصائب الرأي، والفصل في المشتبهات والمختلفات والمتضادات، وحسن الرعاية لما يعترضهم من قضايا أنفسهم وغيرهم، ولما يكلفون به من تبليغ رسالة ربهم عقيدة وشريعة، كما جمع لبعضهم ذلك مع الحكم بمعنى السلطة والقضاء مثل داوود وسليمان في الأرض المقدسة، ويوسف في مصر، وموسى بعد خروج بني إسرائيل إلى سيناء، واصطفاهم قبل ذلك للنبوة تبليغا للدين وعملا به وقدوة فيه.
وعقب الوحي الكريم مبينا أنه تعالى غني عنهم جميعا، لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم، فقال عز وجل: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ الأنعام 89، ولفظ: ﴿ هَؤُلَاءِ﴾ في الآية الكريمة إشارة إلى كل من بلغته دعوة الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسائر العهود بعده، مسلما كان أو كافرا، إن يكفروا يقيض الله لدينه خيرا منهم إيمانا وولاء ونصرة، كما في قوله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ محمد 38، وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ الزمر 7.
ويمضي السياق القرآني بالتفات كريم خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين إلى يوم الدين بقوله تعالى:
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾ الأنعام 90، أولئك الأنبياء والرسل عليهم السلام هم الذين هداهم الله إلى التوحيد الخالص والتصور الإيماني السليم والصراط المستقيم والأخلاق الرفيعة والسلوك الرضي ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ الأنعام 90، والهُدَى في هذه الآية الكريمة ما كان عليه الأنبياء عليهم السلام من الدين والسجايا الطيبة والنبل والفضيلة، أما قوله عقب ذلك:﴿اقْتَدِهْ﴾ فهو أمر منه عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء والرسل عليهم السلام، أي: فكن يا محمد مثلهم واتَّصِفْ بصفاتهم، من فعل "اقتدى" إذا فعل المرء مثل فعل غيره تأسيا، يقال فلان قدوة في العمل أو الرأي أو السَّمت أي يُقتدَى به في ذلك، والهاء من ﴿اقْتَدِهْ﴾ حرف سَكْت، اتفق القراء على إثباتها سَاكِنةً في الوقف، واختلفت قراءتهم لها في غير الوقف.
أما اقتداء الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء قَبْلَهُ فلا يكون في الشريعة، لأن أمرها محسوم بالقرآن الكريم المهيمن على ما سبقه من الكتب والشرائع إذ قال تعالى:﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ المائدة 48. وليس للمسلمين في ذلك إلا شريعة الإسلام التي بلغها نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وأناط بهم العمل بها وحمايتها من التحريف بالابتداع أو الكتمان أو الزيادة والنقصان، ولهم بها سعادة الدنيا توفيقا وسدادا في النفس والأهل والولد، وسعادة الآخرة جنة ورضوانا:﴿جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ آل عمران 15.
كما لا يُقتدَى بهم في العقيدة، لأن العقيدة إيمان يبثه تعالى في قلب من يشاء من عباده ولا تستقيم بمجرد التقليد، والأنبياء جميعا يتلقونها وحيا من الله تعالى، فلم يبق إلا أن يكون الاقتداء خاصا بأن يستجمع الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن الصفات والسجايا والخصال الحميدة، التي تحلى بها كل نبي منهم، مع ما كانوا عليه من إخلاص التوحيد والصدق والأمانة والتبليغ والفطانة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحرص على بقاء العقيدة صافية ناصعة لا لبس فيها ولا خلط ولا غموض، لا سيما وهو صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ومبعوث إلى العالمين، والأمة الإسلامية خاتمة الأمم المسلمة على الأرض، وغيره من الأنبياء مبعوثون إلى أقوامهم يعالج كل منهم أدواء قومه بما يناسبهم، وصفاته وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسيرة الصحيحة تشهد بأنه جمع حقا ما تحلى به الأنبياء قبله من الفضل، فقد تميز بصفات إبراهيم عليه السلام في الأناة والحلم والعقل الثاقب وقوة الحجة والإصرار على إبطال الباطل، وصفات داود وسليمان في القوة والعدل والشكر، وصفات أيوب ويوسف من الصبر والاحتساب، وصفات موسى وهارون في الثبات على الحق ومقارعة الطواغيت، وصفات إسماعيل في الصدق والإنابة والبر والطاعة كما في قوله تعالى:﴿ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ الصافات 102 ، وصفات زكرياء ويحيى وعيسى وإلياس في الحلم والزهد والصبر، وصفات يونس إذ التقمه الحوت فكان من المسبحين المتضرعين، وقال عنه عز وجل:﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ الصافات 143 -  144.
إن كل هذا الفضل والمنزلة والسعادة التي ساقها الله تعالى للمسلمين بواسطة الرسول الكريم سيد ولد آدم عليه السلام[[4]]، وقد جمع أحسن خصال الأنبياء قبله، مع ما لاقاه من المحن والشدائد في تبليغهم الإسلام وتحريضهم على التمسك به وتربيتهم عليه، لم يكن منه صلى الله عليه وسلم إلا طاعة لله تعالى وإخلاصا، لا يريد به شكرا من قومه أو عزا فيهم أو ذكرا بينهم ومكانة، لذلك أمره الحق سبحانه بأن يبين لهم  زهده فيهم وفيما عندهم بقوله عز وجل:
﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾الأنعام 90، أي: قل لهم يا محمد: إني لا أنتظر منكم مقابلا ماديا أو معنويا على تبليغي إياكم القرآن الكريم، وما فيه من أحكام العقيدة والشريعة والبشارة والنذارة والهداية إلى طريق الجنة، لأني قمت بذلك طاعة لله تعالى وحده، لا أريد منكم جزاء ولا شكورا، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ الأنعام 90. إن ما أبلغته إليكم ليس تجارة مما تعهدون أو مقايضة مما ألفتم، ولكنه رسالة الله تعالى إلى العالمين، إنسا وجنا، جيلا بعد جيل إلى قيام الساعة، به يتذكر الغافلون، ويهتدي الضالون، ويرقى مراقي الإحسان المؤمنون، وتقام به الحجة على الناس يوم الدين.
إن إيرادَ تجارب ثمانية عشر من الأنبياء والمرسلين في نقطة الارتكاز والثقل من وسط هذه السورة الكريمة، وعرضَ سِيَرِهم فيها موجزةً تلافيا للتطويل والاستطراد، ومفصلةً متفرقة في سياقات سور أخرى، لم يكن للتسلية والتسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كما ذهب إليه بعض المفسرين، ولكنه كان جزءا من منهجٍ رباني للتأسيس والتشييد والترشيد في أمة رائدة، ولتنشئة بُنَاتِهَا من الجيل القرآني الأول، الذي أظهر الله به الدين بقيادة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، واستمر زخم اندفاعه قرونا اكتسح فيها مشارق الأرض ومغاربها، منهجٍ تتكامل به التربية وترشد به العقول، وتعلو به الهمم، وتتعمق به العبرة والعظة والخبرة، كما بين ذلك العليم الحكيم بقوله في الفترة المكية نفسها:
- ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يوسف/111.
- وقوله تعالى: ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ الأعراف /176
- وقوله عز وجل:﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ النازعات 17 – 26.
هذا هو المنهج الرباني الذي ضم تجربة جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، في دعوتهم للإسلام والإعداد لها وترشيد رجالها، وصبرهم على أعبائها وبلائها ومشاقها، ومواجهتهم لأصناف كيد الكائدين ومكر الماكرين وعدوان المعتدين والمتربصين، وهو ما تبنى به كذلك الأجيال الناهضة في كل عصر لإقامة أمر الإسلام، مهما تباعد الزمان، واختلفت الشعوب والأوطان، وتباينت الأعراق والألسن والألوان، وتضاربت النوايا والأهداف والمصالح والأوضاع.
[1] - لم يرد اسم له في القرآن الكريم، أما في التراث الديني وعند بعض المؤرخين المسلمين ومفسري القرآن الكريم فيطلقون عليه اسم "النمرود"، وكان من ملوك الكلدانيين في العراق، ذكر القرآن الكريم أنه كان ظالما كافرا ادعى الربوبية، فحاجه إبراهيم عليه السلام في الله وأفحمه قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ البقرة 258.
[2] - ذكر ابن عباس في تفسيره أن من أصوله كذلك: شيث وَإِدْرِيس ونوح وَهود وَصَالح.
[3] - يؤخذ فقها من نسبة الوحي عيسى بن مريم - وليس له أب - إلى إبراهيم عليه السلام، أن ولَدَ بنتِ الرَّجلِ يُعَدُّ من ذريته، لأن مريم عليها السلام من نسل إبراهيم. كما أن الحسن والحسين رضي الله عنهما من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهما من بنته فاطمة وزوجها الإمام علي رضي الله عنهم جميعا، قال صلى الله عليه وسلم: (ابناي هذان: الحسن والحسين، سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما)، صحيح الألباني.
[4] - قال صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع) وقال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه -  إلا تحت لوائي وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر) صحيح الألباني.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

لروح الممثل الراحل محمد البسطاوي

افتتـاحيـة

افتتـاحيـة
الوقـائـع بـريـس

وردة تبكي بليغ في بودعك


حامد مرسي دنجوان عصره


البدوية القتالة سميرة توفيق


لاني بنايم ولاني بصاحي أبوبكر سالم


بليغ وأم كلثوم لقاء الملك بالست


الرائعـة فايـزة أحمـد


عندما يتسلطن الموسيقار العميد


يا عطارين دلوني غناء أحلام


"ثلاثي التشخيص الراقي في "وجع التراب



لماذا لم يعد المغاربة يذهبون إلى السينما؟

لماذا لم يعد المغاربة يذهبون إلى السينما؟
ملف الوقائـع الأسبوعي

تابعوا الوقائع على فايسبوك

الوقائع بريس

مـن هنـا يبـدأ الخبـر الفنـي مـن الوقائـع بريـس ..

لمـاذا الوقـائـع بـريـس؟

مـن نحـن؟