الوقائـع بريـس: الجبلـي محمـد الصغيـر
رغم ما عرفته المملكة المغربية من إصلاحات، تتفاوت
قيمتها، ووتيرة إنجازها ما بين المدن والبوادي، وبالرجوع إلى الماضي القريب، فإن
كل مهتم، ومتتبع، وملاحظ، ومراقب للتنمية، التي تعرفها كل ربوع التراب الوطني من
شمال المملكة إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. سيقفون على حقيقة واحدة مفادها أن
المغرب قد عرف تقدما كبيرا، وتنمية أكبر انعكست على الساكنة بالأحياء الفقيرة،
والدواوير النائية سواء في سفوح الجبال، أو في أعاليها، وتبقى منطقة تونفيت كمثال
حي على الاهتمام الكبير، الذي يوليه ملك البلاد والعباد لأبناء هذا الوطن العزيز ،
هذه الصورة التي غزت كل بقاع العالم وما حملته وتحمله من معاني النبل، والعطف، والإنسانية،
ومن رسائل التضامن والتعاون والتكافل بين كل أفراد الشعب المغربي الأبي. من ملك
يحب شعبه ويناضل من أجل محاربة الفقر، واستئصال الجهل، واجتثاث الأمية من وسط صفوف
النساء القرويات على وجه الخصوص، عبر برامج تنموية، ومشاريع مذرة للدخل، ومساعدة
الأسر الفقيرة وتحفيزها على تمدرس بناتها، وأبنائها، ومن شعب يحب هذا الملك
النبيل، الرحيم بفئاته المعوزة.
أما المشاريع الكبرى مثل طنجة المتوسط، وبو ركراك،
والطاقة المتجددة الريحية والشمسية، والطرق السيارة التي تعتبر الشريان الحقيقي
للاقتصاد الوطني، والبنية المطارية، ومشروع تي جي في، وإير أوه إير، والميترو، دون
أن ننسى الدور الكبير الذي لعبه ترام الرباط، والذي لعبه ترام البيضاء ابتداء من
12 ـ 12 ـ 2012 وحسب خبراء هذا المشروع أنه ساهم في حل جزء كبير من معضلة الاكتظاظ
والازدحام، وفوضى التنقل والمواصلات، وفي تنظيم، وضبط أوقات ومواعيد الرحلات.
ومشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية، والتعاون الأمني في إطار التحالف
المغربي الغربي الأمريكي في الحرب ضد الإرهاب، وعلى المستوى الاجتماعي فإن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والحد من
ظاهرة الفقر، ومن احتجاجات المواطنين والمواطنات، كانت بمثابة الجواب الشافي
والكافي للعديد من الإشكالات، والاختلالات، وترسيخ وإشاعة ثقافة التضامن والتآزر
من خلال مؤسسة محمد الخامس للتضامن. وتزويد العالم القروي بالماء والكهرباء،
والطرق القروية, أما في المجال السياسي والحقوقي فإن المبادرات التي دعا لها عاهل
البلاد رسخت أسس دولة المؤسسات والحق والقانون، ونجح في القطيعة النهائية مع
ممارسات كانت تشكل نقطا سوداء في التاريخ المغربي الحديث، وإعادة الاعتبار للعمل
السياسي النبيل. ومن بين المشاريع الكبرى كذلك، الإستراتيجية السياحية التي
استقطبت العديد من المستثمرين الوطنيين والعالميين، وتشغيل نسبة مهمة من اليد
العاملة المغربية المؤهلة.
إن الحضارة العربية أصبحت تصنع في المغرب على حد تعبير
أحد الكتاب العرب مستدلا بما تحقق في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، واعتبر أن
المغرب أصبح نموذجا رائدا يجب الاقتداء به، بينما عضو من المجلس الأوروبي وصف
مبادرات جلالة الملك محمد السادس بالفريدة والمتميزة، كما أشار مسؤول في منظمة
العفو الدولية على أن المغرب أصبح مثالا يقتدي به في حقوق الإنسان، من خلال
التطورات، التي يشهدها على المستوى الحقوقي. وما هيأة الإنصاف والمصالحة سنة 2004
إلا دليلا واضحا على مصالحة المغاربة فيما بينهم ومع مؤسسات الدولة، هاهي السيدة
كاترين أشتون المفوضة السامية للاتحاد الأوروبي، المكلفة بالشؤون الخارجية
والسياسة الأمنية، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية تنوه بالإصلاحات في المغرب، وما
تسوية وضعية إقامة الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية بالمملكة،. وما الإشادة القوية التي صرحت بها السيدة نافي
بيلاي ممثلة الأمم المتحدة المكلفة بحقوق الإنسان في ما يتعلق بالإصلاحات التي
يقوم بها المغرب منذ دستور 2011 وتنويهها
بالمعاملة الإنسانية التي تنهجها المملكة المغربية مع المهاجرين غير الشرعيين، وما
احتضان المغرب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، في طبعته الثانية، في شهر نونبر من
السنة الجارية بمدينة مراكش، بعد منتدى برازيليا، إلا شهادة حصل عليها المغرب في
المجال الحقوقي. كل هذه الإنجازات وهذا التراكم الحقوقي جعل المغرب ينال شهادة
الجودة في حقوق الإنسان في الوطن العربي ومن بين الدول الصاعدة في سلم التنمية الإنسانية.
بعد انصرام 10 سنوات على هذه المصالحة، وعلى هذه الإنجازات
الكبرى، والاعترافات الدولية بالإصلاحات المغربية، إلا أن مظاهر العنف، والظلم،
والحكرة، والتهجير، والاضطهاد، والتخلف ما تزال بادية على مستوى كل فضاءات جهة
الدار البيضاء، من خلال سلوكات البعض من مسؤوليها، ومن خلال الانتقال من سنوات
الجمر والرصاص، إلى سنوات الفقر والخصاص؟؟ ومن الانتهاكات السياسية الجسيمة إلى
الانتهاكات الاقتصادية المؤلمة والأليمة، وبجولة سريعة في تراب هذا الإقليم، أو
ذاك والاقتراب من هموم، ومتاعب، ومعاناة، وانتظارات المواطنين، والمواطنات، ستظهر
الصورة جلية وواضحة بطبيعتها الحقيقية، وطبعتها البشعة، في غياب الحقوق البيئية،
والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق السياسية والحقوق التنموية ؟؟ وليس
بشكلها الممكيج، المليء بالمساحيق المقرفة التي تحيل على الكذب، وتسوق الوهم، بدل
الحقيقة، والاستثمار الجماعي في التنمية المحلية، بدل نهب خيرات الجهة الغنية؟؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق