سياسـة واقتصـاد..
بالعلم والعمل
نحقق الأمل، وننتصر للمظلومين
وليس بتوزيع
الوعود "العرقوبية" والشعارات البراقة
النقابة الوطنية للتعليم العالي
والأحياء الجامعية (ك.د.ش) تنخرط مع بداية الموسم الجامعي المقبل 2014 / 2015 في
العديد من الصيغ النضالية والخطوات التصعيدية غير المسبوقة لإسماع صوت الموظفين
والعاملين بالقطاع لمواجهة الأوضاع المتردية..
إن أزمة التعليم بنيوية شاملة متعددة الأبعاد
والدلالات، ولها امتداد مجالي وزمني، ولا يمكن فهمها إلا بربطها بالنظام المجتمعي
العام، ولأن التعليم العالي والبحث العلمي يعتبر أحد المؤشرات الأساسية التي تقاس
بها مدى تقدم المجتمعات، ونجاعة السياسات المتبعة التي تؤثر على نواحي الحياة
المختلفة، والأمل كل الأمل معقود على التعليم العالي والبحث العلمي، بأن يشكل
قطباً اقتصادياً واجتماعياً مهماً، لتجاوز الكبوة الراهنة، والمساهمة الفعلية في
تحقيق التنمية وكل الأهداف المرجوة، واليوم آن الأوان لإعدام التجارب الفاشلة،
وإقرار ميثاق وطني لإصلاح التعليم العالي، وكما نعلم جميعاً أن الإصلاح عملية
شائكة ومعقدة، تتطلب بدل جهود جبارة والتحلي بالشجاعة والصبر، مع استحضار
الإكراهات والإمكانيات الآنية والمستقبلية، وتقتضي انخراط جميع الفرقاء، في ضوء
منهجية تشاركية وإستراتيجية واضحة الأهداف والنتائج، شاملة
ومتكاملة، تراعي مختلف أبعاد الإصلاح ومكوناته، بدل صناعة العنف وصناعة الاستبداد.
ونظراً للارتفاع المتزايد في أعداد الطلبة المسجلين الجدد، والنقص المهول في أعداد
الموظفين والأساتذة، بداية من سنة 2005 ( سنة المغادرة الطوعية ) زد على ذلك أفواج
الموظفين المقبلين على التقاعد برسم السنوات القليلة المقبلة، نقول إن الموظفات
والموظفين يحملون مشاعر الإخلاص، هؤلاء الجنود الخفايا الذين لم ينصفوا طيلة
حياتهم الإدارية المضنية، بلغوا حد اليأس، لما يلاقونه من تهميش ونسيان، وهم
يشتغلون في صمت بدون ضجيج، وبدون أن تسلط عليهم الأضواء، وفي هذه اللحظة
العصيبة والمؤلمة من حياة الجامعة المغربية، ندق ناقوس الخطر لأن الإدارة ستفتقر
لخدماتهم الجليلة، ولعطائهم الغزير، ولخبرتهم وتجربتهم المتميزة، ولحبهم الذي لا
حدود له لعملهم ولوطنهم العزيز، فيجب التفكير فيهم بكل جدية كي يسلموا المشعل بكل
أمان لإخوانهم الموظفين الجدد.
فلقد مرت على تقلد الوزير الداودي مسؤولية وزارة
التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بمشاكل جامعاتها ومعاهدها وأحيائها،
وبمطالب أساتذتها وموظفيها حوالي ثلاث سنوات، عمرها من عمر حكومة رئيس الوزراء، الأولى
والثانية التي لا زالت تراوح مكانها ولتظل الملفات والإصلاحات الكبرى في غرفة
الانتظار الطويل أو داخل ثلاجة الإلهاء والتسويف.
وما دام، هذا من ذاك، فقد تواصلت التوترات داخل
القطاع وازدادت حدة المشاكل المتراكمة على مكتب السيد الوزير وإدارته الورقية،
الذين يلوذون في كل مرة إلى أسلوب التماطل والتسويف، وتارة إلى فبركة حوارات
مخدومة لربح الوقت ولقاءات مغشوشة لا تفضي إلى نتيجة تذكر، بل إلى وعود مظللة
وشعارات براقة، كرست استفحال أوضاع شغيلة قطاع التعليم العالي، خاصة الموظفين في
الجامعات المغربية وأحيائها الجامعية.
ويبرز للعيان الكثير من مشاكل الموظفين، وعلى رأسهم
الهجوم على حرية العمل النقابي، ولا بأس أن نسوق من بينهم نموذج موظفي جامعة
القاضي عياض بمراكش، حيث أن المسؤول المباشر عليه بالدرجة الأولى هو رئيس الجامعة
الذي يستمر ممتطياً صهوة تعنته، والذي كان ولا زال وراء خلق وصنع جميع المشاكل،
عندما عمد إلى أسلوب الانتقام ومحاربة العمل النقابي الجاد والمسؤول داخل الجامعة،
وذلك بفبركة تنقيلات تعسفية لموظفين من مقرات عملهم ( 25 موظف وموظفة ) وتشتيتهم
على مصالح وإدارات خارج الجامعة، ظلما وعدوانا، ونكاية فيهم لتحركاتهم النقابية
ومطالبتهم بحقوقهم، وقد وعدنا الوزير في اجتماع سابق بحضور عضو المكتب التنفيذي
للمركزية بإيجاد الحل لهذه المشكلة لكنه خلف الوعد " ووعد الحر دين عليه
"، وكأن جامعة القاضي عياض توجد في جزيزة "الوقواق" وليس في بلاد
اسمها المغرب، يحكمها قانون ودستور، والشئ بالشئ يذكر وفي تساؤل بسيط، فما معنى أن
يستخف الرئيس بإجماع الإدارة والموظفين والأساتذة معاً؟ وبمن يستقوي هذا الرجل؟
بالإضافة إلى هذا، للملاحظ أن يحكم عن الاقتطاعات المتتالية بمناسبة أو بغيرها،
"الاقتطاعات المخدومة" من أجور الموظفين المضربين على حساب قوتهم اليومي
وقوت أبنائهم وأسرهم، ونسجل هنا مع الأسف الشديد، ازدواجية المعايير التي تنهجها
الوزارة في الاقتطاعات، خصوصا عندما نراها تسارع وتفتخر بالاقتطاع من أجور
الموظفين، ونستغرب حين تدس رأسها في الرمال كالنعامة عندما يضرب الأساتذة
الجامعيون، فلا تحرك ساكنا، بل تسارع بفتح باب الحوار معهم مباشرة في اليوم
الموالي، ملبية جميع مطالبهم، وهذا حق من حقوقهم، مع احترامنا وتقديرنا الكامل
لهيئتهم المناضلة، لكننا لا نقبل التمييز بالواضح الفاضح، فكلنا مغاربة ولنا نفس
الحقوق، كما لنا نفس الواجبات اتجاه مؤسساتنا وطلبتنا، ومستقبل بلادنا، لقد
تتلمذنا على يد مناضلين أوفياء، لقنونا دروساً في حب الوطن، تبتدئ بثقافة
الحق، وثقافة الواجب.
لم يعرف في تاريخ الوزراء الذين تعاقبوا على قطاع
التعليم العالي في بلادنا وزيراً، كالوزير الداودي ذو المثالية الزائدة، الرجل
الذي لا يحترم التزاماته وتعهداته اتجاه موظفي وشغيلة القطاع، فالوزير يتهرب من
مواجهة ملفات ومطالب موظفي التعليم العالي بمختلف أسلاكهم، ويتفادى الجلوس مع
ممثليهم إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول الملزم للطرفين نقابة ووزارة، وهي
ممارسات مفهومة ومعروفة مقاصدها، تروم فقط ربح ما أمكن من الوقت والهروب إلى
الأمام، ولم ينفد السيد الوزير طيلة تواجده في المسؤولية على رأس الوزارة ولو
مطلبا واحدا أو وعدا واحدا مما تعهد به، ولعل المتتبع لملفنا المطلبي يجده ملفاً
بسيطاً، سهل التنفيذ، وبإيجاز، يبتدئ الملف المطلبي: باحترام الحريات النقابية،
وبمأسسة الحوار القطاعي كما اتفق على ذلك في السابق، وبفتح نافدة على الأنتيرنت
لتسهل التواصل مع الموظفين ولمعرفة ملفاتهم ونتائج ترقيتهم ونتائج امتحاناتهم
المهنية، مشكل الامتحانات المهنية الذي يكمن في إعطاء المواد في تخصصات الممتحنين،
لتنمية روح المنافسة لديهم ولتحفيزهم، مشكل الترقيات، مشاكل الأحياء الجامعية
كمناقشة وتعديل القانون الأساسي المنزل من جانب واحد، واسترجاع الاقتطاعات
المزدوجة، مشكل التكوين والتكوين المستمر، مشكل الهيكلة الجامعية، المطالبة بإشراك
النقابات في تعديل القانون 00. 01 المتجاوز في بعض بنوده والذي لم يصبح ملائماَ
(مثلاً : جمع الجامعات في أقطاب، وما سوف يترتب عن ذلك من سلبيات، كهيكلة مجالس
الجامعات والعدد الهائل الممثل فيه من فرقاء وممثلي مكونات الجامعة) ...
لعل سابقة إخلاف السيد الوزير لوعده ونقض التزاماته
مع النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، لخير دليل على تخبط
الوزير ومصالح وزارته الورقية، وعوزهم لبعد النظر واستشراف آفاق المستقبل، حيث
لازالت نتائج إخلاف الوزير ووزارته للوعود تداعياتها متواصلة. وما ترتب عن أساليب
وسلوكات وزير التعليم العالي مع النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء
الجامعية، لا زال ماثلا للعيان.
لتستمر الوزارة الوصية في سياسة صم
الأذان ومسلسل عدم الاستجابة لمطالب موظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية،
ونهجها لخطة العاجز بالهروب إلى الأمام وبتجاهل الوزير الداودي عقد جلسات الحوار
الدورية كما سبق وتم الاتفاق على ذلك في اجتماع سابق كان الغرض منه
الاستكشاف في بداية تحمله للمسؤولية الوزارية، أما اعتماد لغة الخشب التي
أصبحت سمة تعامل بعض المصالح المركزية في تعاملها مع الملفات المطلبية النقابية،
ومع المكلفين بها على مستوى المكتب الوطني فحدث ولا حرج، مما يعتبر تراجعا صارخا
على مبدأ احترام الهيئات النقابية، وتحمل المسؤولية في معالجة وتسوية قضايا ومشاكل
شغيلة القطاع بمختلف درجاتها والاستجابة لتطلعاتهم ولمطالبهم المشروعة.
فما معنى أن يخلف السيد وزير التعليم العالي،
الوعد ويتنصل من التزاماته، ووزارته تخلف وعودها وتتنصل من الاتفاقات والالتزامات
والتعهدات مع محاوريها في لقاءات وجلسات حوارية، كنا نعتقد أنها مسؤولة ونتائجها
ملزمة للوزارة الوصية في شخص الوزير الداودي؟ وهو الوزير المسؤول الذي لطالما كرر
في لقاءاته وفي خرجاته الإعلامية لازمة "ربط المسؤولية بالمحاسبة"
و"الشفافية" و"الحكامة الرشيدة" و"محاربة الفساد"
في معالجة مختلف الملفات العالقة لشغيلة التعليم العالي وموظفي الجامعة
المغربية؟؟
وفي ظل هذه الوضعية الشاذة وحالة الانحسار والبلوكاج
التي تشهدها علاقة السيد الوزير بممثلي النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي
والأحياء الجامعية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والباب
المسدود التي وصل إليه الحوار بدون تحقيق نتائج تذكر، فإن النقابة الوطنية لموظفي
التعليم العالي والأحياء الجامعية لن تظل مكتوفة الأيدي أمام حالة الانحسار هذه
التي تريد الوزارة والسيد الوزير أن يجراها إليها، وتفكر في أوضاع منخرطيها
وموظفي القطاع الذين طال صبرهم، حد اليأس، لكن للصبر حدود، ونذكر السيد الوزير
أننا رقم صعب في المعادلة، وأننا متمسكون بجميع مطالبنا كاملة، وأننا ذو نفس طويل
لا نمل ولا نكل رغم الاستبداد وصد الأبواب.
وانطلاقا من مبدأ الالتزام النضالي الذي أخذته على
عاتقها النقابة الوطنية للتعليم العالي والأحياء الجامعية (ك.د.ش)، ستنخرط النقابة
من الموسم الجامعي المقبل، مع بداية الدخول الجامعي الجديد في العديد من الصيغ
النضالية والخطوات التصعيدية غير المسبوقة كنقابة أكثر تمثيلية في القطاع، لفك
الحصار الظالم، ولإسماع صوت الموظفين والعاملين بالقطاع وفضح كل الأساليب
والممارسات التسويفية التي تنهجها الوزارة الوصية والوزير الداودي في حق موظفي
الجامعة المغربية.
وإذا كنا كنقابة مسؤولة نراعي الظروف العامة
التي تمر منها بلادنا، فإننا لن نخضع لأسلوب "الحكرة" والمماطلة
والتسويف وربح الوقت على حساب القوت اليومي للموظفين بالقطاع، ولن نقبل باحتقارنا والدوس
على كرامتنا وحقوقنا المشروعة التي يكفلها الدستور كأسمى قانون في البلاد
وتضمنها كل الأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الشغيلة والطبقة العاملة
المعترف بها عالميا. ونحن قادرون على شل القطاع، فنحن الذين نتحمل ثقل المسؤولية
الجسيمة التي تدير دواليب وميكانيزمات التعليم العالي، ونفتخر بذلك لأننا الجنود
الخفايا الذين يسهرون على تخرج الأجيال بصبر وأناث ورباطة جأش، وسينصفنا التاريخ
ويسجل أسماءنا بمداد من الفخر والاعتزاز.
ويظل أحد المعابر الأساسية للخروج من حالة الانحسار
والبلوكاج هاته، هو فتح حوار حقيقي ومسؤول، والانكباب على إيجاد حلول في أقرب
الآجال بين الوزارة الوصية على القطاع والنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي
والأحياء الجامعية (ك.د.ش) ويكون محضره ملزما للجميع.
عضو المكتب
الوطني
للنقابة الوطنية
لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية
الكونفدرالية
الديمقراطية للشغل
0 التعليقات:
إرسال تعليق