رياضـة ومشاهيـر..
صفحات مضيئة من أمجاد فريق اتحاد بن احمد لكرة القدم
المرحوم المعلم الطاكة
البوعزاوي
|
سعيـد فـردي
لتقليب الصفحات المضيئة والمشرقة
من الكتاب الذهبي لتاريخ فريق مدينة ابن احمد المغربية، فريق نادي اتحاد بن احمد لكرة
القدم، لابد أن تفتح الكتاب على مشوار أسطورة كرة القدم الحمداوية، الراحل المعلم
"الطاكة البوعزاوي" اللاعب البوعزاوي التوزي الذي سجل هدف اتحاد ابن احمد
أمام فريق الرجاء البيضاوي في مقابلة السد للصعود إلى القسم الوطني الأول سنة 1957
اللقاء التاريخي الذي شهده الملعب البلدي لابن احمد..
لعب الراحل التوزي البوعزاوي داخل
فريق اتحاد ابن احمد الذي أسس سنة 1944 منذ 1948 إلى الستينات، ودرب نفس الفريق حتى
حدود الثمانينات، كان يلعب داخل الميدان كقلب هجوم رقم (9) وكجناح أيمن الرقم (7) وسجل
البوعزاوي الطاكة العشرات من الأهداف التاريخية والحاسمة في تاريخ كرة القدم الحمداوية،
كان أبرزها الهدف التاريخي لاتحاد بن احمد الذي سجله في مرمى فريق نادي الرجاء البيضاوي
في مقابلة السد للصعود إلى القسم الوطني الأول سنة 1957 حيث كانت أجريت بطولة بين جميع
الفرق المغربية بنظام خروج المغلوب الغاية منها إعادة انتشار الأندية وتأسيس بطولات
حسب كل تصنيف، وكتب للرجاء أن يحقق الصعود إلى القسم الأول مبكرا بعد أن فاز على فريق
اتحاد ابن احمد بهدفين لواحد بصعوبة، وعلى النصر البيضاوي ثم أولمبيك وزان.
وللتاريخ فقد انتصرت الرجاء آنذاك
في ابن أحمد بهدفين لواحد وبصوعبة، بينما كانت خسرت اتحاد ابن احمد مقابلة الذهاب بالدار
البيضاء لما صفر الحكم "فورفي" بلغة قانون كرة القدم، حيث وصل الفريق متأخرا
عن موعد اللقاء بسبب وسائل النقل التي لم تكن متوفرة بكثرة آنذاك، عكس ما روج له أحد
الرجاويين القدامى في إحدى اللقاءات التلفزيونية بان الرجاء انتصرت على بن احمد ب
4 لصفر، هذا كذب على التاريخ وتزوير للحقائق، يقول اللاعب البوعزاوي التوزي:
"وأنا أشاهد التلفزيون، سمعت بأذني ذلك الكذب فلم أتمالك نفسي وبزقت على شاشة
التلفزيون".
باستثناء تكريمه قيد حياته من
طرف المجلس البلدي لمدينة ابن احمد، لم يحض هذا الرجل الأسطورة بأي التفاتة رسمية تذكر
من القائمين على الشأن الكروي في هذه البلاد، على الأقل ترد له الاعتبار، يردد الرجل
دائما "الله هو الغني" مترفع عن الماديات وحطام الدنيا الفانية، مشوار كروي
طويل حافل بالعطاءات والتضحيات في سبيل كرة القدم الحمداوية وكرة القدم الوطنية، مجد
كروي يمتد لأربعة عقود، صنعه واحد من أبناء بن احمد البررة اسمه المعلم التوزي البوعزاوي،
وهو لاعب وهو مدرب لفريق اتحاد ابن احمد، وهو المكون والمربي لأجيال من اللاعبين والمدربين
الذين عرفهم تاريخ كرة القدم بابن احمد..
الراحل من مواليد عام 1930 وبرغم
من أنه كان يبلغ من العمر عتيا (80 عاما)، ونحن نجري معه الحوار ببلدته بابن احمد أياما
قبل رحيله إلى دار البقاء، كان الرجل لا زال واقفا بكبرياء وعزة نفس، شامخا كالجبال،
هي ذي شيمة الأبطال الذين صنعوا مجد كرة القدم الوطنية، برغم النسيان والجحود، اللاعب
"الطاكة البوعزاوي" كما كان يلقب داخل الملعب البلدي لاتحاد ابن احمد سنوات
الأربعينات والخمسينات وحتى حدود الستينات، الراحل التوزي البوعزاوي هو من طينة
"الكويرية" الذين لن يجود الزمان بمثلهم.
نص الحوار الذي أجريناه معه ببلدته
بابن احمد أياما قبل رحيله إلى دار البقاء:
للتاريخ... وحتى لا ننسى
كانت الكلمة بوحا تلقائيا وتطويعا للذاكرة
بدأت ألعب في صفوف فريق اتحاد
ابن احمد في سنة 1948 عن عمر يناهز
(18) سنة، فأنا من مواليد سنة 1930م بدوار أولاد الحاج بن التاغي (المعروف
بدوار بوحولة) بابن احمد.. كان يلعب معي إلى جانب بقية عناصر الفريق سي أحمد بالهادي
وامحمد الشومور هذان اللاعبان كانا زميلان لي في معظم المباريات الساخنة، يزودانني
بكرات مخدومة، كنت أسجلها بسهولة وبتقنية وفنية عالية، كنت دائما لاعبا رسميا داخل
الفريق و"بالرغبات أمولاي"، كان يلح علي رئيس الفريق القايد محمد ولد القايد
الحسن، ويأخذني معه في السيارة..
الاتحاد الرياضي لابن أحمد / USB مجد كروي ينبعث من رماد النسيان
ومن عقال التنكر والجحود
تأسس الفريق في عام 1944، بحيث
كان يتكون من لاعبين فرنسيين وموظفين إداريين ملحقين خلال فترة التواجد الفرنسي بمدينة
ابن أحمد، ومن اللاعبين الذين لعبوا لفريق ابن احمد قبل أن التحق بصفوفه "اللي
بداو قبل منا أحنا"، أتذكر سمحمد الصقلي، بوشعيب الزموري، سمحمد بنداوود، إدريس
المدكوري، وآخرون، منهم من رحل إلى دار البقاء ومنهم من ينتظر، كان الفريق يسمى آنذاك
في 44 فريق "الاتحاد الرياضي لابن أحمد / USB" ولا زال حتى الآن، من اللاعبين
الفرنسيين الذين كانوا يلعبون معنا في الفريق، هناك سان جيرمان، وموسيوه جوفير... ولاعبين
جزائريين، ومن اللاعبين الذين لعبت إلى جوارهم داخل فريق اتحاد ابن احمد منذ سنة
1948، أذكر حارس المرمى محمد الرباطي، مولاي عبد الله ولد القاضي، حفصة البيضاوي، بوشعيب
الهايش، ولد حمان، سمحمد ولد الحاج المعطي، سمحمد بن غانم، بن حمو... وآخرون غابت عني
أسماؤهم في هذه اللحظة.
بإرادة فولاذية لا تلين وعزيمة رجال لا يقهرون ... كان البناء والتألق
آنذاك كان يلعب فريق اتحاد بن
احمد في القسم الوطني الثاني، مع فرق واد زم، بني ملال، خريبكة، ومع بعض الفرق البيضاوية..
وكان يدرب الفريق الحمداوي في أواخر سنوات الأربعينات حتى حدود الخمسينات من القرن
الماضي سي بوشعيب الزموري، (ولد بن احمد الذي يصارع الآن المرض بدون أية عناية تذكر
أو التفاتة من أحد)، وكان يرأس الفريق سي محمد ولد القايد الحسن قائد ابن احمد في تلك
الفترة، هو من كان يتحمل مسؤولية المكتب المسير لنادي اتحاد ابن احمد لكرة القدم، وهو
المكتب الذي كان يضم في عضويته كل من سي عبد السلام الشرقاوي، سي عبد القادر بن لويز،...وآخرون.
في الخمسينات كانت اتحاد ابن احمد
فريقا جيدا وقويا، يتوفر على لاعبين ممتازين ذووا لياقة بدنية صلبة وقوية لا يقهرون
داخل الملاعب، حيث بدأت الاتحاد تواجه فرقا قوية، خاصة من الدار البيضاء، من هذه الفرق
كان فريق الرجاء البيضاوي، وفريق الأسناك وغيرهما، في ذلك الوقت لم تستطع أولمبيك خريبكة
كما تسمى اليوم، أن تصمد في القسم الوطني الثاني ونزلت إلى القسم الثالث إلى جانب فريق
واد زم.
لا لتزوير تاريخ كرة القدم الوطنية ... وقلب النتائج والحقائق
سنة 1957 كان الفريق في أوج عطاءاته
فريق يلعب في صفوفه لاعبون كبار ونجوم من العيار الثقيل، وفي 57 سنلعب مقابلة السد
المؤدية إلى القسم الوطني الأول بنظام المنتصر هو من يصعد، مع الرجاء البيضاوي، انتصرنا
على فريق خريبكة، وواد زم، وسطات، وعلى فرق متواضعة من الدار البيضاء كان يلعب لها
لاعبون فرنسيون، تأهلنا إلى مقابلة السد نحن أربعة فرق، اتحاد ابن احمد، الرجاء البيضاوي،
فريق السناك/ النصر البيضاوي، وأولمبيك وزان، الرجويون يقولون أنهم هزموا أولمبيك وزان
ب7 لصفر، وفازوا على النصر البيضاوي، بينما انتصرت الرجاء على اتحاد ابن احمد في مقابلتها
الأخيرة بالملعب البلدي لابن أحمد بهدفين لواحد، فصعدت إلى القسم الوطني الأول، والذي
سجل هدف الاتحاد في شباك الرجاء هو عبد ربه، وكنا قد خسرنا مقابلة الذهاب بالدار البيضاء
"بفورفي" لأننا وصلنا متأخرين عن موعد اللقاء..
"هذا اللي كاين.. أو واحد النهار وأنا كنتفرج في التلفزيون وهو
يقول شي واحد من الرجاويين القدامى أنهم غلبونا ب 4 لصفر، هذا كذوب، أنا العبد الضعيف
اللي مسجل هدف اتحاد ابن احمد مازال حي، ما ارضيتش بالكذوب وأنا نبزق على التلفزيون."
وتتواصل مسيرة البوعزاوي التوزي الكروية كمدرب للفريق الأم
بعد 1957 ظل فريق اتحاد ابن احمد
يلعب في القسم الوطني الثاني، وظليت ألعب في صفوفه إلى حدود 1968 حيث اعتزلت اللعب،
وتوليت مهمة تدريب الفريق في فترة تحمل مسؤولية رئاسة الفريق من طرف سي التادلي، وعضوية
سي بوشعيب بنطيبي، عبد اللطيف الحريزي، سي محمد برحال، ودعم باشا المدينة سي بوشعيب
التهامي.
من اللاعبين الذين دربتهم، هناك
حارس المرمى مصطفى العطوفي الذي لعب لفائدة الوداد البيضاوي في القسم الأول في احد
المواسم، عبد الخالق، حسن حجاج، محمد صدقي "عبيدو"، الساسي، مشتكي، إبراهيم
لكحل، كما دربت لاعبين من فريق الجيش الملكي كانوا وقعوا للعب مع فريق اتحاد ابن احمد،
كعمر الطوسي، واللاعب الزهر، دربت فريق اتحاد ابن احمد منذ سنة 1968 حتى سنة 1983،
السنة التي اعتزلت فيها ملاعب كرة القدم بشكل نهائي.
كرة بالسير تنفخ وتخيط... و"شورت" عمره 40 سنة
الكرة التي كنا نلعب بها في الأربعينات
والخمسينات كانت كرة بالسير، مفتوحة من الوسط، يتم نفخها وتخيط، وفي الستينات أصبحنا
نتوفر على كرات ممتازة من هنغاريا..
عند حديثي معه عن نوعية الكرة
التي كانوا يلعبون بها في تلك الفترة وعن البدلات الرياضية التي كان يرتديها لاعبو
الفريق، اخرج البوعزاوي التوزي "شورت" خاص بحارس المرمى أسود اللون مرت عليه
40 سنة لازال صالحا للاستعمال ونحن في الألفية الثالثة مع سنة 2010 ، قال لي أنه وهو
يبحث عن صور ولوازم تتعلق بكرة القدم من ذلك العصر الذهبي، عثر عليه في دولابه الخاص
وسيعطيه اليوم لأحد حراس مرمى اتحاد بن احمد.
pas d argent, ni rien du tout, le meilleur qui gagne sa place
عن المنحة التي كانوا يتلقونها
في حالة الفوز داخل أو خارج المدينة، يضحك اللاعب البوعزاوي التوزي ملئ فمه ساخرا،
ويوضح: "في ذلك الوقت الذي كنت العب فيه كرة القدم لم يكن ما يعرف اليوم بالمنحة
"prime "، لم نكن نأخذ سنتا واحدا، سواء
ربحنا داخل ابن احمد أو خارجها،"منحة" أي لاعب في زماننا نحن، هي أن يحافظ
اللاعب على مكانته داخل الفريق، "اللي شد بلاصتو يلعب أو اللي مشدش بلاصتو ما
يلعبش".. وإذا ربحنا مقابلة من المقابلات كانوا ينظمون لنا "بريتيف"،
يعني نشربو شي حاجة، مونادا والحلوة.."، يضحك ضحكات متواصلة بأعلى صوته، ويقول
مؤكدا وبشكل قطعي: " نحن كنا نلعب كرة القدم بدون مقابل "بلا فلوس"،
مع العلم أننا لعبنا كرة القدم تاع بصح اللي دوزناه ديال الكرة شي كبير غير ما عندنا
زهر" لعبنا الكرة فابور، بلا فلوس"..
"ليما تضربو النفس
على أولادو... أو لعلى بلادو غير يتعزا وهو في حياتو"
حتى في المرحلة التي كنت فيها
مدربا للفريق كان يتقضى اللاعبون ألف فرنك (10 دراهم) لكل واحد، ومن كان يدرس يدفعون
له ثمن تذكرة التنقل، ولا احد منا كان يطمع في أن يستفيد ماديا من ممارسته لكرة القدم،
كانت القناعة والعزة وكرامة النفس، ليس كما هو الشأن اليوم، كرة القدم أصبحت تجارة
تدر أموالا طائلة، ومع ذلك ما عندناش "كويرية" كما كان مع جيلنا نحن، المغرب
لا يتوفر اليوم على منتخب في المستوى، "ماعندناش منتخب مغربي"، أقصينا من
كاس أمم إفريقيا ومن كاس العالم، في تلك الفترة كان المنتخب المغرب لكرة القدم يحسب
له ألف حساب، ويتشكل في معظمه من اللاعبين الذين كانوا يمارسون معنا داخل الفرق الوطنية،
لاعبين أقوياء بدنيا وفنيا وتكتيكيا، "اللي بغيتي"..
كنا نلعب كرة القدم من أجل البلاد،
ومن أجل كرة القدم الوطنية، ولم نكن نفكر في الاستفادة المالية، وكما يقال: "
ليما تضربو النفس على أولادو أو على بلادو ماشي بنادم" ، أنا شخصيا، وأعود بالله
من قلت أنا، لم أكن اطمع في "الفلوس" وأنا أدرب الفريق، كان يهزني الحماس
على البلاد وعلى أولاد البلاد، كنت كناخذ ألفين فرنك ( 20 درهم) في كل مقابلة، وعشر
ألاف فرنك (100 درهم) في كل شهر من رئيس الفريق آنذاك سي التادلي، لأني كنحب البلاد
وها أنا ما زلت في البلاد، بالرغم من إلحاح أبنائي الذين يتولون مراكز كبرى، أن أعيش
معهم حيث يسكنون، أرفض أن أعيش خارج بن احمد، حتى ألقى ربي وادفن في ترابها، في البلاد
التي لعبت كرة القدم على ترابها ودربت لاعبي فريقها على أرضيتها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق