وجهـات نظـر..
"لفظة أخوانجي"
ما بين صناعة الأسد وترويج السيسي
فابيـولا بـدوي
أكد أحد المواقع الالكترونية التابعة للتنظيم الإرهابي
الدولي علي أنه: مع انقلاب السيسي ازدهرت مفردة (إخواني) التي تحولت بعد بوادر نجاح
الانقلاب إلى (إخونجي)، والمعروف أن لازمة (جي) تـأتي لتعريف بحرفة شعبية أو الانتقاص
والعيب. والحقيقة لا نعرف علي وجه التحديد ما هو العيب في التشبيه بالحرفة الشعبية
أو ما هو العيب في هذا التعبير؟ هذه هي لغتنا العامية الدارجة لم نحذف أو نضيف إليها
أي شيء.
ويرى الموقع بعبقرية نادرة أن هذا المصطلح (الذي يبدو أنه
مثير لأعصابهم) أول ما ظهر كان علي أيدي أتباع رفعت الأسد الذين بطشوا بحماة عام
82م بهدف ملاحقة أفراد من الإسلاميين والمعارضين والإخوان المسلمين، ولم يذكر الموقع
أو كاتب الموضوع علي الإطلاق من قريب أو بعيد تفاصيل ما حدث في حماة في ذلك الوقت،
وكأننا جميعنا نجهل ما قام به الإخوان من اغتيالات لشخصيات وترويع للأهالي والتدريب
في معسكرات دولة أخرى وتلقي الأموال والسلاح من أجل فصل حماة عن الدولة السورية وتحويلها
إلي إمارة إسلامية. إن من يسمعهم وهم يتحدثون أو يكتبون يتصور أن فرقا من الجيش قد
استيقظت ذات يوم ولم تجد ما تفعله، فقررت لكسر الملل والرتابة أن تلاحق الإخوان من
دون ذنب حتى تتسلي قليلا.
وكذا أصبح كل من تصدى لهذا التنظيم بقدرة قادر انقلابي
ودموي وكافر ونصيري، وبطبيعة الحال هم ملائكة وضحايا ومستهدفون من غير ذنب أو جريمة،
سواء في حماة أو في فض التجمعين الدمويين رابعة والنهضة.
أما عن أوجه الشبه بين الاثنين، فكلاهما كان العدو الرئيسي
بهما هم أعضاء وقيادات الجماعة الإرهابية. وكلاهما تحركت قوات الأمن والجيش من أجل
الدفاع عن الوطن والآمنين من سكان البلاد، ضد جماعة أو جماعات ممولة وعميلة ولا هدف
لها سوى هدم الأوطان وإقامة مشروع وهمي يدعون أنه يستعيد أمجاد (الخلافة الإسلامية).
وفي الحالتين حملت هذه الجماعات السلاح في وجه الجيش والشرطة، وانتهكت كل ما يمكن انتهاكه
من أرواح وأعراض ومارست التعذيب والترهيب علي الآخرين، والأكثر فجاجة بصدق أن أرقام
الضحايا سواء في رابعة أو حماة تتغير كل يوم بحسب الأهواء ومتطلبات الأوضاع، فبينما
تباينت أرقام ضحايا الأولى ما بين 500 وأربعة الآلاف، تراوحت الثانية ما بين خمسة آلاف
وثلاثين ألفا بالطبع فارق الأرقام يعود إلي أن رابعة تجمع وحماة مدينة. وفي نهاية الأمر
ومن دون الشعور بالخجل يجرح كبريائهم لفظة (اخوانجي) مما يجعلهم يبحثون في جذورها ليجدوا
أن أول من استعملها هم جيش رفعت الأسد ومن يتداولها حاليا هم أتباع السيسي.
نحن هنا لا ندافع عن أشخاص أو مواقف، ولكننا نقر فقط بأن
ما ينتقص من قدرهم ليست هذه اللفظة أو سواها. ولكن أكاذيبهم وأفعالهم وإرهابهم وممارستهم
للقتل بحرفية ودم بارد، وما يجعلهم في قاع حسابات المواطنة هو موقفهم من كل بلد حلوا
به سواء مصر أو سوريا أو حتى منطقة الخليج التي قامت منذ عقود باستضافتهم وحمايتهم،
لتكون المحصلة أنهم عار علي هذه الأوطان وعلى الإسلام
وعلي التراب الذي تربوا وعاشوا عليه.
الأدهى أو المثير للضحك، أنهم يتهمون كل من يطلق عليهم
هذه اللفظة أنه من أعداء الإسلام فهو إما علماني أو ناصري أو قومي أو شيوعي أو بعثي
باختصار وبحسب ما جاء في الموقع، أنه لا يوجد تيار غير إسلامي إلا ويشجع علي اعتماد
هذا المصطلح. ويرون أن هؤلاء الكفرة يستخدمون هذا اللفظ من أجل تعطيل الشريعة، ويؤكدون
علي أن كل هذا سوف ينتهي بصعود التيار الذي سيصحح الفساد ويقيم حدود الله. وكأنهم يخاطبون
البشر من واد غير هذا الذي نعيش فيه، حتى أنهم لا يدركون أن هذا التيار قد صعد إلي
السلطة بالفعل في مصر ولم يفشل تيار في التاريخ بالسرعة القياسية التي فشلوا بها ولم
يحظ تيار بكراهية من شعب كمان حظوا بها من شعب مصر خلال عام واحد من الحكم. وهم لم
يصعدوا في مصر فقط، فهم يحركون الحكم في تونس، ويتحالفون مع القاعدة ونظرائها في ليبيا
واليمن والعراق، أما سوريا التي يقومون بتمزيقها منذ سنوات طمعا في أن تكون هي الركيزة للإمارة الإسلامية التي ستنطلق
منها إلي بقية دول المنطقة، فهي عليهم حرام كحرمة أمهاتهم وأخواتهم، لكنهم لا يفقهون.
لفظة "اخوانجي" مثيرة لأعصابهم، أما الاتهامات
بالإلحاد والكفر والعمالة والانحلال وكل ما يستخدمونه من ألفاظ فهو غير جارح. قتل الجنود
والأبرياء ومحاولات الاغتيال والتفجيرات هنا وهناك وتدمير اقتصاد البلاد والتحالف مع
أعدائها، كلها أفعال مبررة لديهم وعلينا ألا نشجبها أو ندينها أو نتصدى لها، وإلا صرنا من الزمرة
التي مصيرها التمثيل بأجسادها في الدنيا والحشر في النار في الآخرة. حتى شريعة الغاب لها قوانين أكثر احتراما ووضوحا
من هذه القوانين الملغومة الدموية الحمقاء.
المطلوب منا الآن أن نتقبل كل هذا وأن نكف عن استخدام لفظة
أخوانجي، كي لا نجرح مشاعرهم أو ننتقص من قدرهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق